يقول «جفري ايلينبوجين» زميل كلية الطب في جامعة «هارفارد»: إن ساعات النوم هي في حقيقتها ساعات مشحونة بالعمل العقلي؛ إذ يقوم العقل باستغلال فترة راحة الجسم في مراجعة وتبويب وتخزين المعلومات والمعارف الجديدة التي اكتسبها الإنسان أثناء النهار، لذا فإن أي اختلال في دورة النوم أو عدد ساعاته (يجب ألا تقل عن 9 ساعات يومياً عند الأطفال) يعني عدم قيام المخ بواجبه على الوجه الأكمل، بل وضياع هذه المعلومات مما يؤدي إلى نقص في قدرات الطفل الاستيعابية أو مهاراته اللغوية. العقل يستغل فترة راحة الجسم في مراجعة وتبويب وتخزين المعلومات «الرياض» التقت بعض المختصين في مجال علم الاجتماع والطب، لتسليط الضوء على تأثير ساعات النوم على الطلاب والطالبات المتفوقين. يقلل الكفاءة الذهنية يقول «سليمان الحربي» - مشرف توجيه وإرشاد -: إن تأخير النوم والسهر إلى ما بعد منتصف الليل يقلل من كفاءة الطلاب البدنية والذهنية في اليوم التالي، ويرافق ذلك صعوبة في الاستيقاظ من النوم صباحاً، وكذلك النوم على مقاعد الدراسة، والشعور بالتعب وعدم التركيز، مضيفاً أن الدراسات العلمية أثبتت أن للنوم المبكر والعميق تأثيراً مهماً على نوعية التحصيل العلمي الدراسي، فقد حصل معظم الذين تمتعوا بنوم صحي عميق مدة 8 ساعات تقريبا في الليل على تقدير ممتاز أو جيد جداً، أما «السهارى» فقد حصلوا على تقدير جيد أو مقبول. التعود على النوم ويوضح «عليان العطيات» -أخصائي اجتماعي- أن الطفل في سن خمسة أعوام يحتاج إلى 11 ساعة من النوم يومياً، بينما يحتاج الطفل في سن التاسعة إلى عشر ساعات، لذا من المهم تعويد الأطفال على النوم المبكر سواء في الإجازات أو أيام الدراسة، مستعرضاً بعض الإرشادات التي تساعد الأهل على التأكد من حصول أطفالهم على الراحة التي يحتاجونها، ومنها وضع برنامج نوم ثابت، وإبعاد الأطفال عن تناول المشروبات المحتوية على «الكافيين» كالقهوة والشاي و»الكولا» والأطعمة الدسمة قبل النوم، بالإضافة إلى عدم تعويدهم على مشاهدة «التلفاز» قبل ذهابهم إلى الفراش، وتجنب المحادثات والحوارات والمواقف الانفعالية التي تستثيرهم. عليان العطيات تغيرات فسيولوجية وبين «عليان العطيات» أنه بالنسبة للطلاب في المدرسة الثانوية فيحتاجون إلى تسع ساعات من النوم يومياً، لأن النوم المفرط عند المراهقين والشباب الصغار يسبب تغيرات «فسيولوجية» أثناء البلوغ، كما أظهرت الدراسات أن (20 %) من طلاب الثانوية ينامون في الفصل، بسبب عدم حصولهم على قسط وافر من النوم في المنزل، مؤكداً أن الخبراء حذروا من أن هذا النقص في ساعات النوم يسبب مشكلات في الذاكرة والانتباه والتركيز، ويضعف الأداء الدراسي واليقظة، ويؤخر الاستجابات ويزيد العصبية والقلق والكآبة. تأثيرات سلبية فيما تقول الأخصائية «حنان العطوي»: إن قلة النوم عند الصغار والكبار له أثره الخطير، والذي ينعكس سلباً على صحتهم النفسية والجسدية وعلى شخصيتهم وتفاعلهم مع بعضهم البعض، مضيفةً أن الإفراط في النوم أمر بالغ الخطورة وما زاد عن حده نقص!، إضافةً إلى ذلك أن العوامل المسببة لهذه الأمور سواء قلة النوم أو الإفراط فيه تلعب دوراً أساسياً في تدهور الأمور، فالاضطرابات النفسية وطرق التغذية السيئة واستهلاك المنبهات بشدة وعدم الانتباه إلى الصحة النفسية والجسدية والسلوكية، كل ذلك له ضرره البالغ على الطلاب والطالبات في تحصيلهم الدراسي. تدني الدرجات وحذرت «حنان العطوي» المراهقين والمراهقات في مغبة تماديهم في النوم لساعات طويلة أيام إجازة نهاية الأسبوع، وقالت: إن ذلك قد يكون أحد أسباب معاناة شهاداتهم المدرسية من تدني مستوى الدرجات فيها، مؤكدةً أن الذين يغطون في نوم عميق، هم عرضة بشكل أكبر إلى تدني درجات شهاداتهم المدرسية، مقارنةً بالمراهقين الذين يُحافظون على وتيرة نظام نومهم اليومي المعتاد خلال أيام الأسبوع الدراسية. سلوك غير حكيم وقال «د. بهجت عبد الله» رئيس الطب الوقائي بالمستشفي العسكري في تبوك: ثمة تغيرات «فسيولوجية» طبيعية في مرحلة المراهقة، منها الهرمونية ومنها العصبية المركزية في الدماغ، ومنها جوانب النمو الجسمي ومنها التغيرات النفسية والسلوكية لشخصياتهم في تعاملهم مع أنفسهم وفي تعاملهم مع الغير، وهي أمور تتطلب من الآباء والأمهات فهم تغيرات تلك الجوانب، كما تتطلب من المراهقين والمراهقات تفهمها كي تسير الأمور المتعلقة بالنوم والاستيقاظ بطريقة لا تتأثر بها صحتهم ولا نفسيتهم، مضيفاً أن ملامتهم أو تعنيفهم على تأخرهم في النوم أو في الاستيقاظ صباحاً أو نومهم أثناء حضور ساعات الدراسة، هو سلوك غير حكيم من قبل الآباء أو الأمهات، أو حتى من قبل المُعلمين، لو أرادوا النظر إلى طلابهم وطالباتهم بعين التربية النفسية والرعاية الصحية، إضافةً إلى التعليم، لأن المراهقين كما تقول المصادر الطبية، يختلفون بشكل تام عن الأطفال الصغار وعن البالغين في وتيرة نظام إيقاع النوم. ساعة بيولوجية وأوضح «د.بهجت» أن المراهقين حينما يسهرون إلى أوقات متأخرة أثناء أيام عطلات نهاية الأسبوع، فإنهم حتماً سينامون أوقات طويلة في صبيحة الأيام التالية، وكذلك لو أنهم حُرموا من النوم خلال أيام الأسبوع الدراسية، فإنهم سيُحاولون تعويض ذلك بالنوم لساعات طويلة أثناء العطلة الأسبوعية، مؤكداً أن هؤلاء المراهقين بسلوكهم هذا إنما يعبثون بوتيرة انتظام الساعة «البيولوجية» الموجودة لديهم في أدمغتهم، ويجعلونها بالتالي «مبرمجة» بطريقة مختلفة عن المعتاد، وهو ما يُؤخر نشاط منبهات الدماغ للاستيقاظ والذهاب إلى المدرسة، وسوف يكونون في أسوأ حال عند إجبارهم على الاستيقاظ المبكر، بل ويشعرون آنذاك بأنهم ليسوا في حالة ذهنية جيدة، ما يُؤدي إلى ضعف تحصيلهم العلمي أثناء ساعات اليوم الدراسي. 1 2