في كل مرة يضرب عبدالله بن عبدالعزيز المثل والمثال على أنه نسيج وحده ، وعلى أنه الزعيم الذي روّض مفاهيم السياسة لتنسجم مع أدبيات الصدق ومبادئ الأخلاق ، ونقاء السر والسريرة . في كل مرة .. يأتي الموقف من عبدالله بن عبدالعزيز .. مجللا بكل البياض ، فيتلقفه الناس بقلوبهم بصادق الدعاء ، وبما يستحقه من التبجيل . هكذا تعودنا منه ونحن نقرأ مواقفه على كل الأصعدة بكامل النقاء والوضوح ، وبلا أي رتوش ، لأنه استطاع أن يختصر المسافة ما بين قلبه وقلوب أبنائه ومواطنيه بجسر مكين من الثقة والانحياز للحق .. فكان بهذا أقرب للناس من أنفسهم . في ديباجة بيان الديوان الملكي الذي كشف وبكثير من الشفافية عن أنه يحفظه الله يعاني من ألم إثر انزلاق غضروفي في الظهر ، حطم عبدالله بن عبدالعزيز .. زيف بعض القناعات التي لازمت الفكر السياسي ، وزعمت أن جسم الزعيم امتداد لزعامته ، وصورة عنها كما يقول عبد السلام بنعبد العالي وأن مرض أو اعتلال ذلك الجسم إنما هو اعتلال للزعامة لهذا لا يتم الكشف عن المرض إلا حينما لا يكون مناصا من ذلك . لكن ولأنه عبدالله بن عبدالعزيز .. هذا الذي التصق بصدقه وشفافيته بالناس حتى صار لهم نبض القلب ودم الشريان .. وبنى زعامته فيهم بهذه الأدبيات النقية .. تجاوز كل هذه الأوهام ، وصدق نفسه وشعبه ، ودفعهم بالتالي لرفع أياديهم للمولى عز وعلا .. في هذه الأيام المباركة لتدعو له بالصحة والشفاء العاجل .. ليعاود قيادتهم بهذا النقاء غير المسبوق إلى ما يتطلعون إليه في ظل توجهاته وأفعاله وإنجازاته . ولعل أجمل عبارة سمعتها للتعليق على هذا الموقف هي قول أحدهم : (إنه زمن عبدالله بن عبدالعزيز ) .. فعلًا هو زمن عبدالله بن عبدالعزيز .. هذا الزمن الذي لم يذعن لقوالب الخطب المكتوبة بأقصى وأبلغ عبارات التعبئة ، قدر انحيازه للعمل وللفعل الذي يراه الناس في اليوم التالي واقعا ملموسا على الأرض .. زمن عبدالله بن عبدالعزيز .. الذي نسف كل الصغائر في علاقات الأخوة العربية والإسلامية وراء ظهره ، وساس الأمور بمعايير البناء لتصحيح واقع الشعوب وضمان مستقبل كبريائها وكرامتها .. زمن عبدالله بن عبدالعزيز .. الذي وضع الجامعة في جوار كل منزل على امتداد الوطن ليبني لوطنه وأمته اقتصاد المعرفة ، وأوفد عشرات الآلاف من أبناء وبنات الوطن إلى أعرق جامعات العالم للغاية ذاتها . زمن الشفافية التي يقدم هو فيها الأنموذج لشعبه .. تحت قاعدة : إن الرائد لا يكذب أهله. عبدالله بن عبدالعزيز .. دُم هكذا لشعبك .. لأمتك .. رجلًا يصنع أسطورة الصدق والنقاء .. في وقت تكالبت فيه أساطير الزيف من كل مكان .. متعنا الله بشفائك ووجودك وزعامتك التي نأت بصفائها عن كل مزادات الرهان..