في المدارس الحكومية، والجامعات يعامَل الطلبة، والطالبات المولودون من أم سعودية كمعاملة السعوديين، ولكن يكتب في الخانة المقابلة للتسجيل جنسية الأب غير السعودية، وبين قوسين في كشف إما ملحق، أو في الملاحظات، الوالدة سعودية. أتذكر احدى الزميلات والتي كانت متزوجة من أجنبي، ومعاناة أطفالها مع الإقامة في المدارس رغم أن الأم معلمة، وبعده وكيلة مدرسة لكن إحساس بنتيها في المرحلتين المتوسطة، والثانوية وهما تصطفان عند مراجعة وثائق الإقامات مع غير السعوديات كان مؤلماً، وقد تمتنع الاثنتان أو إحداهما عن الذهاب إلى المدرسة لأيام، عند التجديد، أو طلب الإقامة، لعدم قناعتهما أنهما غير سعوديات، وبالذات أن العائلة كلها سعودية، والأعمام والخالات وأزواج الخالات، فتضطر الأم للذهاب بالإقامة، والتحدث مع ادارة المدرسة حول نفسية بنتيها، وضرورة مراعاتها، وفي كل مرة لا تخرج بشيء، على اعتبار أن الأنظمة بلا قلب، وأنهما تعاملان كغيرهما من غير السعوديات من حيث التأكد من الهوية، والأب هنا هو الفيصل. عندما كبروا قليلاً غضب الابن الأكبر بعد انتهاء الثانوية وصرخ في الأم التي انهارت عندما قال لها: لماذا تزوجت أجنبيا ومرمطت العائلة؟ رغم أن زوجها رجل محترم وخلوق وحياتها مستقرة معه، ولا يكدرها سوى إحساس الأبناء بفراغ الانتماء وهذا الحقد الذي بدأ يظهر متوارياً على الوالدين. تجنس الولد الأكبر، وبقي الثاني حتى الآن وتزوجت اثنتان ولكن لم تتجنسا من سعوديين، وبقيت ابنتان في مراحل الدراسة. ما يعنيني هنا ما نشرته الصحف عن ذلك المقترح الذي سيرفع للمقام السامي والمنصوص على اعتبار المولود من أم سعودية وأب أجنبي سعودياً قبل بلوغه سن الثامنة عشرة، أما بعد ذلك فيخير بين جنسية والده الأجنبي أو بقائه على جنسية أمه السعودية. هذا المقترح إذا تم العمل به فإنه سيساوي بين الابن والأبنة في حق التجنيس المبكر، وعلى الأخص أن أغلبية هؤلاء الأبناء لا ينتمون إلا إلى هذا الوطن ، ولا يعرفون غيره، وسيجنب الأم السعودية ذلك العذاب الذي تعيشه مع ابنتها غير المجنسة، والتي قد تكون أكملت دراستها الجامعية، وتنتظر الزوج السعودي والذي سيقوم بدور المخلّص من انتظار الحصول على الجنسية، بينما أخوها يحصل عليها بمجرد تجاوزه الثامنة عشرة من العمر، وقد لجأت كثير من الأمهات إلى تزويج بناتهن من رجال ليست لهم أي كفاءة سوى أنهم سعوديون للخروج من دائرة عدم بقاء البنت بلا جنسية سعودية. المضحك المبكي في الأمر أن احدى النساء قد زوجت ابنتها سعودياً وهي سعودية وموظفة أقصد الأم، رغبة منها في حصولها على الجنسية رغم عدم كفاءته لهذا الزواج وبعد أن أنجبت طفلين أذاقها فيهما المرار طلقها، ورفض منحها الجنسية وتركها وقد حُسبت عليها تجربة زواج فاشل، وزوج ظل يعايرها طوال الوقت بأنها أجنبية، ولن يمنحها الجنسية، التي يُفترض أن تمنح فوراً للزوجة التي والدتها سعودية وتزوجت من سعودي ولا يُنتظر موافقته إطلاقاً حتى وإن لم تنجب أطفالاً، والآن هي الأجنبية الوحيدة مع أختها بينما أمها وطفلها وأخواها سعوديون. وأعتقد ان هذا النظام كان مطبقاً منذ زمن عندما كانت الشابة التي أمها سعودية ومولودة هنا تمنح بمجرد عقد القران على سعودي الجنسية، لأن هذا القرار الآن أصبح معطلاً وأعرف فتيات عديدات في جدة متزوجات واحدة لديها 3 أطفال وأمها سعودية وحتى الآن لم تجنس وأخرى معها طفلان ومر على الزواج أكثر من خمس سنوات هل النظام تغير؟ أم متوقف؟ أم هناك إعادة صياغة له وكيف؟ وإذا كانت الفتاة التي أمها سعودية وزوجها سعودي متوقف تجنيسها، فكيف على المقام السامي أن يقبل المقترح الآخر الذي سيرفع إليه وينص على منح السعودية المتزوجة من أجنبي حق استقدامه، والإقامة معها، وممارسة العمل مثل السعودي حيث تبقى الزوجة هي صاحبة العمل، ويكتب في وثيقته «زوج مواطنة سعودية» المسمى غير مقبول، وقد يتغير ويكتب في بطاقة الأجنبية المتزوجة من سعودي ولم تحصل على الجنسية «زوجة مواطن سعودي». ومادام هو زوج مواطنة سعودية ومسجل عليه في إقامته هل عليها استقدامه عن طريق مكتب، أو تكون قد تزوجت به خارجاً ومن ثم طلبت توثيق الزواج مع أنه من المعروف والمشدّد عليه لقبول مثل هذه الزيجات طلب الموافقة أولاً من الجهات المسؤولة وبالذات للمرأة، أما الرجل فلا مشكلة لديه يستطيع الحصول على الموافقة ليس لمرة واحدة ولكن عدة مرات، وقد يحتفظ ببعضها ربما للحاجة أو التوزيع على الأصدقاء لاستقدام زوجة جديدة!!