عاد الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الذي توارى عن الانظار منذ انتهاء ولايته الرئاسية قبل عامين تقريبا، الى الاضواء الثلاثاء مع نشر مذكراته التي يدافع فيها عن «الحرب على الارهاب» وغزو العراق. وصدر كتاب «لحظات حاسمة» بعد اسبوع على الانتخابات التشريعية الاميركية التي جرت في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي والتي تمكن فيها الجمهوريون من استعادة الغالبية في مجلس النواب الاميركي بعد سنوات حكم بوش الثماني العاصفة في غالب الاحيان. وسيحفل جدول اعمال بوش، الذي تفادى اي مقابلات منذ تسليمه مفاتيح البيت الابيض الى باراك اوباما في كانون الثاني/يناير 2009، بالمواعيد والمقابلات مع وسائل الاعلام للترويج لكتابه الذي طبعت منه 1,5 مليون نسخة. وكتب بوش في 500 صفحة عن اخطائه في الحملة قبل غزو العراق وعدم العثور على اسلحة دمار شامل بعد ان كانت تقارير استخباراتية اكدت ان الرئيس العراقي في حينه صدام حسين كان يملكها. وقال بوش في مقتطف من الكتاب نشره تلفزيون «ان بي سي» خلال مقابلة مع الرئيس السابق «كنت اكثر من اصيب بالصدمة والغضب عندما لم نعثر على الاسلحة. انتابني شعور مقزز كلما فكرت بالامر. ولا ازال». ولدى سؤاله من قبل «ان بي سي» عما اذا كان يعتزم الاعتذار عن اخطائه، اجاب الرئيس السابق بالنفي. وقال بوش في المقابلة «الاعتذار معناه ان القرار كان خاطئا». ومن المقرر ان يجري بوش سلسلة من المقابلات منها مع اوبرا وينفري ومقدم البرامج الاذاعية المحافظ راش ليمبو. واضاف بوش «لا اعتقد ان القرار كان خاطئا. اعتقدت ان المقاربة الافضل هي معرفة السبب وموضع الخطأ وكيفية معالجته». واصر على ان «العالم افضل من دون صدام حسين في السلطة لان ذلك معناه ان 25 مليون شخص يعيشون في حرية». واقر بوش في مقتطف من الكتاب نشرته صحيفة «واشنطن بوست» بأنه اعطى عناصر من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي.آي.ايه) موافقته الشخصية على ان يعرضوا خالد شيخ محمد الذي خطط لاعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001، لعملية ايهام بالغرق. واوضح انه كان يعتقد ان المشتبه به يملك معلومات حيوية حول اعتداءات قيد الاعداد وانه سيتخذ القرار نفسه اذا كان معناه انقاذ حياة اشخاص. كما كشف انه فكر في الانفصال عن نائبه ديك تشيني الذي عرض عليه ان لا يترشح معه لولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2004 واعيد فيها انتخابه. وقال بوش في مقتطف نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» «لقد فكرت فعلا في قبول العرض». وكان تشيني بات «نقطة سوداء يركز عليها الاعلام واليسار اذ كان ينظر اليه على انه كائن بلا قلب يعمل في الظل داخل الادارة». الا ان بوش قرر في النهاية انه بحاجة الى تشيني «لاتمام العمل». ويشمل كتاب «لحظات حاسمة» 14 قرارا منفصلا اتخذها بوش خلال ولايته الرئاسية مع تحليل لكيفية توصله اليها، وذلك في محاولة منه لالقاء الضوء على ادارته الرئاسية. ويبدأ الكتاب مع اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 على نيويوركوواشنطن والتي غيرت السياسات الخارجية والعسكرية لبوش بشكل جذري، وينتهي بالانهيار الاقتصادي في ايامه الاخيرة في البيت الابيض. وسيعود عهد بوش الى الاضواء مجددا اذ سيصدر وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد مذكراته في كانون الثاني/يناير المقبل على ان يصدر نائب الرئيس السابق ديك تشيني مذكراته بعده باشهر. واقر بوش ان رده لم يكن بحجم ازمة اعصار كاترينا وهو ما ينظر اليه بعض النقاد على انه اسوأ مرحلة في عهده الرئاسي. واشار الى ان تحليقه فوق نيو اورلينز بطائرة اثر حصول اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر كان «خطأ فادحا» مقرا بانه كان يجب ان يتوجه الى لويزيانا ليقول للمسؤولين وضحايا الكارثة «انا مصغ لكم». وقال ان الصور التي انطبعت في ذهن الشعب والتي تظهر الرئيس يطل من نافذة الطائرة الرئاسية خلال عودته الى واشنطن جعلته يبدو وكأنه «غير مهتم». وقال بوش في كتابه «المشكلة لم تكن في الحقيقة بل في كيفية رؤية هذه الحقيقة». واضاف «لقد انفطر قلبي لرؤية اناس عالقين على اسطح منازلهم بانتظار المساعدة». ويتناول الكتاب جوانب اخرى اكثر حميمية في شخصية بوش فهو يصف معركته مع الكحول في شبابه والتي انتصر فيها عندما بلغ الاربعين. ومن المفترض ان يشارك بوش في 16 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي في مراسم لا سابق لها في مركز جورج بوش الرئاسي في جامعة ساذرن ميثوديست في دالاس. وسيصبح المركز المكان الرسمي لالاف الوثائق المتعلقة بعهده اضافة الى مكان يلتقي فيه مئات العاملين السابقين في ادارته. وقال الرئيس السابق في المقابلة الحصرية التي عرضتها «ان بي سي» في وقت متأخر الاثنين ان احد اسوأ اللحظات في رئاسته كان عندما قال مغني الراب كانيي وست ان تأخر ادارة بوش في الرد على اعصار كاترينا جاء لدوافع عنصرية. وقال الرئيس السابق ل»ان بي سي» «لقد نعتني بالعنصري». واضاف «ان تقول (انا لا اقدر الطريقة التي ادى بها واجبه) شيء اما ان تقول (هذا الرجل عنصري) فانا مستاء لذلك». وتابع «كان اسوأ موقف في رئاستي».