الحج خامس أركان الإسلام، وأحد مبانيه العظام، أوجبه الله تعالى على العباد مشروطاً بالاستطاعة قال تعالى: (... وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) ومناط الاستطاعة توافر الزاد والراحلة، وعدم توافرهما حال دون تأدية شريحة من المسلمين لهذا الفرض العظيم، ومن هذا المنطلق فإن السعي في كفالة من لا يستطيع الحج وإعانته على أداء هذه الفريضة يعد من الأعمال الفاضلة. قال الشيخ محمد بن عثيمين يرحمه الله: "من أعان حاجاً على أداء الفريضة كان له مثل أجره؛ لأنه أعانه على الخير". لذا فإن تخصيص أوقاف يصرف ريعها على التكفل بنفقة من لا يستطيع الحج أو عن من لم يؤد فريضة الحج يعد من القربات الجليلة التي فيها إعانة للمحتاج على إتمام أحد أركان دينه ونيل لأجر عظيم يوازي أجر الحاج لقوله: (من دعا إلى هدى كان له مثل أجر من فعله لا ينقص من أُجورهم شيئاً). ولقد اهتم الواقفون بغير المستطيعين لأداء فريضة الحج والتكفل بدفع نفقات من يقوم بأداء الفريضة عنهم فقد ذكر ابن بطوطة أن بدمشق أوقاف مخصصة للعاجزين عن الحج، يعطى لمن يحج عن الرجل كفايته. وبحمد الله لمسنا في الآونة الأخيرة تبني بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية والموفقين من رجال الإعمال والخيرين تغطية نفقات مئات بل آلاف الحجاج سنوياً، فمن ذلك مشروع الإعانة على أداء فريضة الحج الذي تنظمه الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض منذ عام 1408ه ويهدف لإعانة طلبتها على أداء فريضة الحج، ومشروع الحج الميسر الذي يشرف عيه الشيخ عبدالله المقحم حيث بلغ عدد المستفيدين من المشرع منذ عام 1412ه إلى عام 1427ه ما يقارب (30) ألف حاج وتبلغ تكلفة المشروع سنوياً قرابة تسعة ملايين ريال. ووقف عبد الجليل الخيري بدبي لمن يرغب في الحج من الفقراء والمساكين وغيره من المحسنين الذين ادركوا عظيم الثواب المترتب على كفالة راغبي الحج من غير القادرين. ولاشك أن تواصل هذا العمل الجليل يحتاج لأصول وقفية ثابتة يدر ريعها على هذا المصرف الخيري، وذلك لكون الحاج يتفيأ ظلال هذه الفريضة وما انطوت عليه من شعائر تعبدية ونفحات ربانية تتجلى خلال هذا الموسم العظيم الذي كان بعد توفيق الله سبباً في استقامة من استلهم هذه المعاني العظيمة ووفق لأداء شعيرة الحج. * باحث في مجال الأوقاف