المراقب لحركة العفو الملكي التي تصدر قبل شهر رمضان من كل عام يرى أنها قرار إصلاحي في هدفه، إنساني في رسالته، سامٍ في شموليته يعم كافة السعوديين والوافدين من مختلف الجنسيات في مناطق المملكة . وتميز هذا العام بأن صدرت ثلاثة قرارات ملكية بالعفو عن أكثر من 25 ألف سجين ممن تنطبق عليهم شروط العفو السنوي المعتادة فشملهم العفو الملكي بمناسبة شفاء سمو ولي العهد وعودته إلى أرض الوطن سالماً معافى، واستفاد منه الموقوفون في قضايا المخالفات والجنح والمطالبات الحقوقية التي انتهى فيها الحق الخاص ولم يبق فيها إلا استيفاء الحق العام وهذا العفو لا يعرف قيمته ولا يقدر هيبته إلا السجناء الذين فقدوا الحرية وحرموا من الروابط العائلية فكان شهر رمضان بداية الخروج من إصلاحية العنابر إلى إصلاحية الانفس. وكم أحزنني أن هذه المكرمة الكريمة تمر في كل عام على نساء سجينات يقبعن في السجون مر على توقيفهن شهور وسنوات ولم يبت في قضاياهن بعد بسبب تأخر محاكماتهن فضاعت عليهن مكارم ملكية وهن ينتظرن المحاكمة ولا ندري من نحاسب فيها؟! تقرير صحفي نشر مؤخراً عن سجن جازان انه يضم 80 سجينة أودعن السجن في قضايا مختلفة ومرت مدد طويلة ولم يبت في محاكمتهن حتى الآن ويرجعون السبب إلى (تأخر الخصوم في الحضور إلى المحكمة) وأن هؤلاء النسوة يواجهن مصيراً مجهولا بسبب تعليق قضاياهن مما يترتب عليه ضياع أولادهن وتشتت أسرهن خارج السجن وأن الكثير منهن أصبن بأمراض نفسية بسبب عدم توفر أخصائية نفسية لمعالجتهن ، أو اجتماعية تبحث أوضاعهن وتدرس قضاياهن لرفعها إلى الجهات المختصة للنظر في تعجيل محاكماتهن فهل الخصوم يحتاجون إلى ( عزومة أو دعوة) من المحكمة لحضور الجلسات أم يحتاجون إلى قرار ملزم يحدد بفترة مناسبة تحددها المحكمة ويجبر فيها الخصوم بإنهاء الدعوى وعلى الأخص في قضايا المخالفات والجنح والمطالبات الحقوقية؟! فالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة جازان أكدت في التقرير على أن هناك تأخيرا في إصدار العقوبات وأكدت أيضاً أن طول فترة إقامة السجين في السجن قبل صدور الحكم تؤثر في نفسية الرجل السجين فكيف بالمرأة وعلى الأخص بعد أن تمر مدة طويلة يكتشف بعد التحقيق والمحاكمة بأن السجينة كانت بريئة من الجرم الذي سجنت بسببه!! نحن لانختلف في مبدأ فرض العدالة ومحاسبة السجينات على ما اقترفن من جرائم ثبُت ضلوعهن فيها وإصدار العقوبات الشرعية التي تتناسب مع جرمهن، ولكن لسنا مع مبدأ ظلم السجينات ، ويجب ان نحاسب كل من تسبب في تأخر إصدار عقوباتهن وأن لا نعلق قضاياهن أكثر مما مضى حتى يحظين بالعفو الملكي القادم..