هل يسافر الناس هذه الايام من أجل الراحة؟ طبعا لا . هناك اكثر من سبب قد يعتقد البعض بأن الراحة تختلف عن الترفيه في برنامج سفره. وماذا عن الاسترخاء هل هو من بنود الترفيه؟ حرفيا لا ولكن في هذا العصر اصبح الاسترخاء من مميزات الترفيه بمعنى انه يرفه عن الذات عندما يحمل عنها أثقالها. زين وهل تؤيد انت الحاجة إلى السفريات المتعددة من اجل الراحة وبنودها؟ ليس شرطاً فالمهم ان نخرج من روتين حياتنا حتى ولو نصبنا خيمة في البر او على كورنيش البحر. هذا في حالة وجود مكان بالطبع. المهم ان يخرج الانسان من نفسه ، ومن ظروفه والمناظر التي يعتادها يوميا. وفي ظل ضغوطات الحياة العصرية ومشكلات التكيف بإمكاننا ان ندّعي بأن التغيير هنا يدخل في خانة العلاج النفسي العفوي والسريع المفعول.. بشروط طبعا. يا أخي أنا أحتار احيانا عندما اسمع عن التوتر وكيف يشتكي منه الناس ثم ألاحظ كمية التوتر التي تصاحب مغامرة السفر لدرجة ان كثيرا منهم يتعبون بعدها ويبحثون عن مجال آخر يرتاحون من خلاله . دعك من هذا الكلام فالتعب الذي يصاحب السفر متوقع وأغلب الناس تنسى بمجرد وصولهم محطتهم المختارة . ذكّرتني بملاحظة سمعتها من أكثر من شخص عن ركاب رحلة إلى بلد شرق آسيوي تراهم يتبادلون الابتسام رغم عدم معرفة سابقة بمجرد خروجهم من الطائرة وكأن الاوكسجين المنشود بدأ يغمرهم من أول لحظة . هل يثير المشهد استغرابك ؟ ربما قليلا رغم انني أتفهم بالطيع ان يرتاح بعض الناس في اماكن بعينها. إنني ابتسم في داخلي عندما اصل إلى اماكن احبها وكلنا يفعل ذلك دون شعور احيانا . شيء آخر لماذا كثرت رحلات السفر عند المجتمعات وهذه الملاحظة على مستوى عالمي وليس محلياً فقط. بسيطة يا صاحبي. كثرت الهموم واستوطن التوتر نفوس وأبدان الناس فأصبحت محاولة الخلاص تتم على مستوى جماعي . لا فرق بين مجتمع وآخر. قرأتُ منذ ايام تحليلا غربياً عن الظاهرة وهم كما تعرف لا تتعدى عطلاتهم اسبوعا او اثنين وكيف أن بعض الحالات تساهم في علاج هموم مرضية إحداها كانت قصة عن انهيار نفسي اصاب إحداهن وأُقنعت بالسفر لمدة اسبوع إلى بلد غريب عنها وعن بلدها واكتشفت بأن الاندماج مع مجتمع غريب مع عاداته ولغته وطعامه واسلوب حياته جعلها تشعر بذاتها من جديد كنوع من الخلاص والرؤية عن بعد . بعد قضاء الاسبوع وجدت بأنها تعود إلى ذاتها ما قبل الانهيار وتتوازن بفضل الخروج من عالمها الذي اعتادته. كلام جميل . الآن يدور حديث عن اهمية الراحة من عالم اليوم بالتطلع إلى عوالم اخرى وهناك اعتقاد بأن ذكاء بعض الدول التي يتجه اليها السياح عادة جعلها تضع استراتيجية لاستثمار هذه الحاجة لدى الناس. وبدأنا نقرأ عن الاماكن الطبيعية الخلابة كمظهر جاذب وصحي يهدئ من روع المتأذين من حضارة وضجيج العصر. أما أنا فقد اكتشفت بأن هناك طريقة يسافر بها الاشخاص الذين لا تساعدهم ظروفهم على السفر من ناحية الإمكانات فقد اصبح الآن التجول بين مدن العالم من خلال الانترنت ممكنا وبعض الاماكن وضعت كاميرات تبث الاحداث والفعاليات على الهواء مباشرة كي يشعر المشاهد بأنه هناك.. في تلك البقعة المختارة. ولكن لاحظ يا صديقي ان الراحة لا تعني الانعزال عن العالم. نحن نحتاج العودة إلى حياتنا كي نعود إلى مصالحة ذواتنا ونحن اكثر استرخاء وثقة واحساسا بالسلام تجاه الكون..