تشهد الأسواق والمجمعات التجارية يومياً أعداداً كبيرةً من السيدات المتجولات داخلها، لاسيما في عطلة نهاية الأسبوع، ويبدو على أغلبيتهن عدم حاجتهن للتسوق الفعلي، حيث تخلو أيديهن من أي مشتريات، فيما تتكدس مجموعات أخرى أمام المطاعم ومحلات القهوة والمشروبات وصالات الجلوس العائلية، وتبدو محلات البيع شبه خالية مما يعطي انطباعاً آخر أن التزاحم الموجود داخل تلك المراكز والأسواق ليس بغرض التسوق، واللافت للنظر أيضاً تواجد الفتيات كمجموعات من مختلف الأعمار مع غياب الأهل، ويمارسن الترفيه ذهاباً وإياباً خلال ممرات المجمع الممتلئ بالأصوات والصخب .. فهل تواجد هذه المجموعات بالأسواق للترفيه ظاهرة صحية أم هي انعكاس لظواهر اجتماعية سلبية؟. تغيير جو المنزل "أم مازن" تسمح لبناتها الثلاث بصحبة أخيهن الأصغر مساء كل يوم أربعاء للتسوق في أحد مراكز "الرياض" التجارية، وتقول: "أحياناً أذهب مع بناتي وأحياناً أخرى أبقى في البيت لا يستهويني التجول في الأسواق، وبصراحة أعرف أنّ هذا التجول يعطل ويزاحم المتسوقين والمتسوقات الجادين، ولكن المراكز التجارية هي المساحات المناسبة لقضاء بعض الوقت وتغيير جو المنزل"، مشيرةً إلى أنها لاتجد مكاناً أنسب من الأسواق، وما يسمى "مولات" لتلتقي بناتها بصديقاتهن لتناول بعض المأكولات، وأحياناً الدخول للألعاب الإلكترونية الموجودة داخل المجمع، وكذلك لاتمانع من ذهاب البنات للتسوق، خاصةً أنّ تلك الأسواق بها من الأمان الشيء الكثير ولا يسمح بدخول الشباب الذكور بمفردهم الأمر الذي يجعلني مطمئنة. «المولات» المتنفس الوحيد للأسر في عطلة نهاية الأسبوع أما السيدة "سعاد الشريف" -أم لأربع بنات واثنين من الذكور- تقول: "نحن نذهب للمراكز التجارية ليس بهدف التسوق، وإنّما من أجل التنزه وكسرالروتين الأسبوعي، وتقريباً في كل مساء خميس نذهب جميعاً أنا وأبنائي الستة لتغييرالجو والعودة بنفوس متجددة، لاسيّما وأنّهم جميعاً طلاب وطالبات مدارس، وكما تعلمون مدارسنا غير موفقة في جانب الترفيه والتغيير لأبنائنا، فالأسواق فيها من المميزات ما يجعلني أذهب معهم وأستمتع بوقتي وأشرط عليهم عدم الشراء". سلوك غير حضاري! وتخالف "خوله الماجد" -موظفة وأم لأربعة أبناء- هذا الرأي وتعتبرأنّ التنزه في الأسواق والتجول دون حاجة سلوك غير حضاري يُعلِّم الأبناء الاستهتار ووضع الأمور في غير نصابها، وتؤكد أنّ الذهاب للبراري القريبة من المدينة أفضل بكثير من التجول في الأسواق مع الإزعاج والزحام، ومايتخلله من تناول الوجبات السريعة والتسكع بين المارة، قائلةً: "ينتابني شعور سيئ وأنا أرى الفتيات والشباب يسيرون ذهاباً وإياباً في أروقة الأسواق لا عمل لهم أو لهن سوى مشاهدة الناس ومراقبة البشر، وصراحةً لا أعرف كيف تسمح بعض الأمهات لبناتهن في هذا السلوك بحجة التنزه والترويح عن النفس، ولماذا لا يكون الترويح في صلة الرحم والزيارات العائلية؟ ولماذا لا يكون بالذهاب للحدائق العامة الموجودة في كل حي؟ أنا شخصياً لا أجد أي متعة في هذا السلوك بل على العكس الإزعاج وصداع الرأس ولا اذهب أنا أو إحدى بناتي إلى الأسواق؛ إلا لغرض معين نأخذه ونخرج فوراً من الأسواق، ومن النادر أن نبقى لتناول العشاء مثلاً أو تناول المشروبات". المراكز التجارية مطالبة بتقديم خدمات إضافية للفتيات المتنفس الوحيد "سهام علي" -طالبة في المرحلة الثانوية- تعتبر الأسواق المتنفس الوحيد في مدينة الرياض في ظل الأجواء الحارة المغبرة على حد تعبيرها، وتجد في التجول مع صديقاتها داخل تلك الأسواق الكثير من المتعة بعيداً عن أجواء المنزل المملة، مطالبةً الذين ينزعجون من تواجدهم في الأسواق إنشاء الأماكن المناسبة لهم". وتشاركها الرأي "صالحة مقبل" -طالبة في الثالث الثانوي- قائلةً بحماس شديد: "مالذي يمكن أن نفعله نحن الفتيات للتنزه؟ هنا في الأسواق الجو النظيف البعيد عن الحرارة العالية أو البرودة المزعجة، وهنا يوجد الأمن والنظام والمطاعم والألعاب وكل ما نحتاجه لقضاء بعض الوقت، فأين المشكلة؟". بينما ترى "هديل خالد" أنّ الأسواق مزعجة وغير مناسبة لتلتقي بصديقاتها، معتبرةً المنازل وبعض المطاعم المكان الأفضل بعيداً عن عيون المتطفلين، مضيفةً أن إيجاد صالات نسائية خاصة في جميع المراكز التجارية بصرف النظر عن المحلات التجارية للتنزه والترفية خير حل للفتيات على أنْ يُراعى وجود خدمات القهوة والشاي وخدمات النت. أما الشاب "فيصل العساف" -طالب في المرحلة الجامعية- فيرى أنّ الموضوع ممل، وقد تحدث فيه الشباب حتى شاب شعرهم على حد تعبيره للمطالبة بأماكن ترفيهية تصلح للشباب من الجيلين، مؤكداً أن التزاحم في الأسواق دون حاجة حقيقية للتسوق أمرٌ بديهي في ظل انعدام أو قلة الأماكن الأخرى المناسبة.