أصاب العديد من الفتيات هوس امتلاك الكثير من الملابس، وكذلك اقتناء أحدث "الماركات" العالمية للحقائب والساعات والأحذية، بالإضافة إلى اقتناء أكثر من جهاز جوال لمجرد التباهي أمام الآخرين، ودون الاكتراث بالنتائج السلبية المترتبة على ميزانية الأسرة من جراء مثل هذه الاهتمامات. في البداية تتحدث "ديمه عبد الله" ذات العشرين ربيعاً قائلةً: أحرص على الظهور بكامل أناقتي دائماً، فمثلاً إذا تمت دعوتي لمناسبة الزواج، لابد أن يكون الفستان والإكسسوار وباقي الكماليات متناسقة وجذابة، وهذا يكلفني أربعة آلاف ريال، مضيفةً أنها تعلم أن زوجها يتضايق من كثرة طلباتي والأموال التي أقوم بصرفها على أشياء ليست مهمة، ولكني لا أستطيع التخلي عن عادتي. أما "أم سالم" -ربة منزل- فتقول: لديَّ خمس بنات وراتب زوجي لا يتجاوز السبعة آلاف ريال، ومع ذلك نضطر للاستدانة من أجل توفير احتياجاتهن، فهن يردن باستمرار شراء الكثير من الملابس الماركة ويرفضن ارتداء غيرها، ذاكرةً أنها حاولت كثيراً أن تشرح لهن مدى الأعباء المالية التي يتسببن بها، ولكنهن يرفضن مجرد الإصغاء، بل ويؤكدن أنهن لسن أقل من بنات جيلهن. وعن الأسباب التي تدفع الفتيات لذلك تقول "د.صفاء خريبة" - اختصاصية علم النفس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية-: لا شك أن التنشئة الاجتماعية للفرد لها دور كبير في تحديد هويته، فقد أثبت علماء النفس أن السنوات الخمس الأولى من العمر لها أهمية كبيرة في تكوين شخصية الفرد، وخلال مراحل النمو المختلفة من الطفولة إلى المراهقة، يتم استدخال المعايير الأخلاقية والاجتماعية في جو يسوده الحب والدفء والتفاهم والحوار المتواصل بين كل من الوالدين والأبناء، ومع التدريب التدريجي على تحمل المسؤولية والاستقلال، يتم الوصول إلى الاتزان النفسي المطلوب، مبينةً أنه على النقيض من ذلك نجد أن افتقاد الدور التربوي للأسرة، والتباعد الكبير في الأفكار بين الأبناء وأولياء الأمور، يجعلهم يشعرون أن آبائهم لا يهتمون بمشكلاتهم، بل ولا يتيحون لهم فرصة للتعبير عن آرائهم، فيخلق ذلك جواً من الاغتراب النفسي والفراغ الداخلي، إلى جانب عدم الإحساس بالأمان النفسي المطلوب، ويولد لديهم شعور بعدم الانتماء النفسي للأسرة، مما يجعلهم يبحثون عن الأمان النفسي خارج نطاق الأسرة من خلال جماعة من الأصدقاء، يتقاربون معهم في العمر، بحثاً عن التفاهم والحوار المفقود، لافتةً إلى أنه مع اتساع الفجوة بينهم وبين أولياء أمورهم، فإنهم سيسقطون فريسة لسيطرة مثل هذه الجماعات، فنجدهم يتقيدون بمعايير الجماعة دون مناقشة، سواء اتصفت بكونها معايير مفيدة أو غير مفيدة وتافهة، مما يتسبب في كثير من السلوكيات الشاذة، كالتقليد الأعمى لمن حولهم في شراء الملابس وحمل الجوالات وتصفيف الشعر بطريقة شاذة وغريبة.