تحمل أعمال الفنان جيرار أفيديسيان «فانتازيا شرقية» الذي يقام في كاليري عايدة شرفان في وسط بيروت، خلفيات تراثية تعود مناخاتها إلى القرن التاسع بمعمارها وأزياء نسائها وخطوط اللوحات وألوانها عموماً. العنصر الرئيسي المشترك في أعمال أفيديسيان هو الحضور النسائي، نساء القصور من المشرق العربي ومغربه، ينتمين إلى الطبقة المخملية في ذلك العصر، ملامحهن شرقية بامتياز وأجسادهن ممتلئة تحمل دلالات الرغبة والغوص بملذات الحياة رقصاً واستعراضاً، لباس النساء في لوحات الفنان يطغى عليه مخمل الأقمشة، غني ومزركش بربيع الألوان، لباس يفيد احتشامه الملامح المغناج التي تبوح بجمال أنثوي خاص. فضاء اللوحة عند الفنان أفيديسيان حيوي وسبب حيويته يعود إلى مزجه ما بين عدة فنون وخامات تُخرج اللوحة من أيقونتها، فقد استعان في تشكيل لوحاته بخامات مختلفة ودمج بين الأكليريك والكولاج والأقمشة الحريرية، التي ألبسها لنساء تونس والمغرب وديار بكر، كما استخدم أقمشة الدانتيلا الشفافة والنسائج الكشميرية العريقة، وزيّن الأجساد بحلي مزيفة من ذهب ولؤلؤ وفضة وأحجار كريمة جذبت العيون باتجاهها، فيما تدلّت الأقراط المرصّعة من تحت خمار متلألئ، أكسبت ألوانه اللوحات مزيداً من الفانتازيا والرفاهية. أفيديسيان الذي استلهم في لوحاته فخامة بيوتات أجداده الأرمن وتراث ألف ليلة وليلة، خرج عمله متقناً ومُعبّراً عن تنوع فني قريب إلى شخصه المتعدّد، فهو مؤلف مسرحي ومخرج وممثل. ولد الفنان في بيروت وعاش متنقلاً بين الاتحاد السوفياتي القديم وفرنسا وقبرص والولايات المتحدة، حصل على دكتوراه فلسفة من الاتحاد السوفياتي، وتفرّغ للرسم أخيراً وحاز على تنويه هيئة المحلفين لمتحف سرسق في بيروت.