لم يعد مستغربا أن تكون المباني الجديدة للمدارس الخاصة ضمن العروض المقدمة للمنافسات التي تطلب فيها جهاتنا استئجار مبان لتقديم خدماتها ببعض المدن، لكون معظمها يشتمل على جميع متطلبات المبنى المطلوب استئجاره كعدد الغرف والمساحة ومواقف سيارات الموظفين والمراجعين ولأننا أصبحنا نشاهد تلك المباني النموذجية التي شيدت لطلاب المدارس قد تحولت إلى مكاتب إدارية أو كليات جامعية! فالمواطنون أمام الواقع الذي تعيشه المدارس الحكومية اضطروا لتسجيل أبنائهم وبناتهم في مدارس خاصة وبرسوم عالية على الرغم من أنها تتخذ من الشقق والفلل المستأجرة داخل الأحياء السكنية فصولا لمراحلها الدراسية، ولكن عندما بدأت المدارس في تنفيذ مبانيها الجديدة تجددت آمال أولياء الأمور والسكان المجاورين في التخلص من أوضاعها السيئة وازدحام فصولها وشوارعها داخل الأحياء، إلا أن المؤسف أن ملاك تلك المدارس لم يكتفوا بالاستثمار المربح بتلك المدارس فأرادوا استثمار حقوق طلابها في تلك المباني بحجب دورها في توفير بيئة مدرسية لازمة لجودة التعليم وتحويل مبانيها لاستثمار عقاري بعرضه للبيع بعشرات الملايين او بتأجيره على جهة أخرى بالملايين في الوقت الذي استمر فيه الطلاب والطالبات بالدراسة في المباني القديمة! فبعض المدارس الخاصة حصلت على تنازل وزارة التربية والتعليم (المعارف سابقا) عن أراضي المرافق التعليمية في بعض المخططات لصالح تلك المدارس باعتبار أنها شريك في تطوير التعليم بالمملكة، كما أن وزارة المالية قدمت قروضا عاليه للبناء لا يتم البدء في سداد أقساطها السنوية إلا بعد عدة سنوات، فدعم الدولة كان واضحا انه للمساهمة في تخفيض التكلفة على أولياء الأمور! إلا أن الغريب أن ينتهي بناء تلك المباني ولانجد وزارة التربية والتعليم او وزارة المالية او أي جهة رقابية على الدعم الذي يقدم من الدولة تلزم تلك المدارس بالانتقال إليها! بل إنها توافق على استئجار جهات حكومية لتلك المباني التي خصصت لطلاب المدارس وهي تعلم أنهم سيستمرون في الدراسة في غرف ومطابخ شقق بأدوار عليا وفلل متهالكة! هذا جانب مشاهد في بعض مدننا يوضح كيفية استغلال الدعم الحكومي في المصالح الخاصة وبدون تدخل الجهات الرقابية لتوجيه الدعم للهدف الذي من اجله أُقر من الدولة! وإذا استثنينا بعض المدارس المحدودة المشهود لها بجودة التعليم فانه أمام الزيادات الجديدة في رسوم بعض المدارس الخاصة على الرغم من استقرار الأسعار والرواتب هذا العام، والمطالبات الملحة بتقديم الدولة لدعم جديد ( باعتبار ان الهجوم أفضل طريقة للدفاع) وبزعم أن تكلفة تعليم الطالب تتجاوز ال (8) آلاف ريال وان تدفع الدولة (50%) منها! وان هناك وسائل تعليمية أدخلت بها كسبورة الكترونية يعلم الجميع قيمتها وأنها تكلفة رأسمالية وليست استهلاكية! فإن الأمر يتطلب من الجهات الرقابية – خلاف وزارة التربية والتعليم لرفع الحرج وتوفير الاستقلالية - التدخل لتقييم تكلفة التعليم بالمدارس الخاصة (كل حسب ماتقدمه فعليا للطالب) والحد الأعلى للرسوم وبحيث تُلزم كل مدرسة حصلت على قرض من الدولة للبناء بالانتقال لمبناها الجديد فور الانتهاء منه، لكون القرض قُدم لبناء المدارس وليس للاستثمار العقاري، والمشكلة انه على الرغم من أن الأرباح التي يحصل عليها ملاك المدارس التي تبيع او تؤجر مبانيها هي أرباح جديدة لم تكن ضمن الجدوى الاقتصادية للاستثمار في المدارس التي تتميز أساسا بالربح العالي مقارنة بالقطاعات الأخرى، وجدنا بعض المدارس ترفع رسومها هذا العام وتمارس سياسات جديدة في التحصيل بالدفع أول يوم او الطرد! هنا أليس من الواجب أن يُدرس وضع المدارس الخاصة من جهات مستقلة قادرة على وضع التنظيم وتضمن العدالة في التنفيذ؟