من المستحيل ألا يتذكر السعوديون مجموعة من أناشيد الأطفال التي ترددت على مسامعهم في حقبة زمنية عاشوها مع التلفزيون السعودي وتحديداً في الثمانينات الميلادية, فجمالية تلك الفترة تمركزت في بساطة الكلمات وتأثيرها في تربية النشء وجمالية اللحن البسيط غير المبالغ فيه والتي ترتبط بمحيطهم الاجتماعي والجغرافي, وتترجم نجاح وانتشار تلك الأناشيد في المنافسة بين الأطفال وعبر مراكز التلفزيون في مختلف مناطق المملكة رغم بساطتها الشكلية والفنية وبتقديم مميز على مستوى الكلمة البسيطة الرنانة وذائقة اللحن الجميل. ويبقى السؤال الأبرز في غياب مثل هذا العمل الهام في التلفزيون ومنذ سنوات طويلة بعد أن كان مفعما بالعديد من الأناشيد التي لا زالت باقية في ذاكرة السعوديين ويسترجعونها الآن عبر مواقع الفيديو بالإنترنت, فأنشودة ك "عنبي يا عنابي" و"زهرتي يازهرتي"وغيرها العشرات أين هي الآن من التلفزيون؟ فرغم ضخامة إنتاج بعض برامج التلفزيون ووجود قناة متخصصة بالأطفال" أجيال" لم تحظ أناشيد الأطفال بالنصيب الأكبر من هذه القناة المتخصصة والتي يبدو أنها لا تريد الخروج من محيط الأستديو الأحمر. ولو عادت هذه القناة لأرشيف التلفزيون القديم من مسلسلات كارتونية قديمة وأناشيد لكان الأجدى لها من تقليد قنوات أطفال متواضعة لا تقارن بإمكانياتها. الأطفال السعوديون اتجهوا الآن مرغمين لهجرة تلفزيونهم الوطني ليستمتعوا ويجدوا ذائقتهم في قنوات أناشيد الأطفال خارج حدود الوطن, فشريط الرسائل النصية لتلك القنوات نستنتج أن قرابة 80% منها من داخل السعودية, فقناة من قنوات الأناشيد ك "طيور الجنة وكراميش" وغيرها, أصبحت الآن مطلوبة في كل منزل والدليل استقطاب فرق المنشدين في مهرجانات بعض المناطق السعودية وكثافة حضور الأطفال مع واسرهم رغم بعض العوائق التنظيمية. فبدلاً من أن يشاهد الطفل أنشودته المحببة عبر قناته المحلية والمخصصة بلهجته المحلية اتجه إلى غيرها رغم اختلاف ما يتناسب مع محيطه الاجتماعي على مستوى الكلمة حيث نجد أن غالبية تلك الأناشيد كتابها من بلاد الشام ولن نستغرب من أطفالنا يطلقون مفردات غريبة مثل"إجى عنا.. عم تخبز.. كرمال.. شو يعني" وغيرها من الكلمات التي لا تتوافق مع الموروث الاجتماعي والثقافي السعودي. إذن فالكبار اتجهوا لمشاهدة الفضائيات بأنواعها المتخصصة, والشباب للقنوات الرياضية والترفيهية المتعددة, والآن الأطفال مع قنوات متخصصة تشبع رغباتهم, فمن يبقى يشاهد التلفزيون السعودي؟