هناك حقيقة من الواضح جدا أنها غائبة عن كثير من المسؤولين في أجهزة الدولة خاصة المعنيين بتسيير أمور الخدمات العامة للمواطن وللمجتمع ككل ... هذه الحقيقة الغائبة ... أو المغيبة ... أو المهملة ... تؤكد أن المواطن في هذا العصر أصبح على قدر كبير من الوعي والفطنة ومن الدراية مما جعله يحمل فكراً متطوراً مكنه من تمييز كل الأخبار التي تصدر .. والمقالات التي تكتب ... والتصريحات والوعود والمشاريع التي يطلقها المسؤولون بين يوم وآخر ... فاليوم أصبح المواطن السعودي ولله الحمد يحمل قدراً كبيراً من المسؤولية في تقييم مثل هذه الأخبار وهذه الوعود بدرجة عالية ومختلفة عن السابق وعما كان في الزمن الماضي وهو زمن ظل فيه المواطن يقوم بدور المتلقي .. والمصفق .. والمؤيد على طول الخط !! اليوم .. المواطن السعودي .. أصبح على اتصال متواصل ومستمر على مدار الساعة بالعالم الخارجي سواء من خلال وسائل الإعلام المختلفة أو من خلال السفر إلى كافة بلدان العالم .. أو من خلال وسائل الاتصالات الهاتفية والتقنية .. وهذه كلها مكنت المواطن في هذا العصر من معايشة الواقع العالمي الخارجي معايشة من الطبيعي أن يصاحبها مقارنة شاملة في كل جوانب الحياة والمعيشة والخدمات المقدمة في بلاده في شتى المجالات . طبعاً دلائل هذه الحقيقة لا يمكن حصرها في مجال معين .. لكن ابسطها وأقربها ما نراه في وسائل الإعلام الالكتروني " الحر" والمتمثل في ذلك الكم الكبير من الصحف الالكترونية التي تنقل على مدار الساعة دلالات التطور الفكري للمواطن والذي نراه يومياً من خلال آراء وكلمات وتعليقات وعبارات مهما كانت درجة حدتها إلا أنه لا يمكن إهمالها أو التقليل من شأنها ...!! فهي إحدى وأهم صور التعبير للرأي الوطني!! على الرغم من أن هذه الصور من التعبير كانت إلى وقت قريب جداً آراء مفقودة وغير مألوفة أو بمعنى أصح آراء محذورة في كتابتها أو قولها علناً !! الأمثلة هنا كثيرة أهمها ما تحمله لنا الآراء والتعليقات على الأخبار وعلى تصريحات المسؤولين في أجهزة الدولة وعلى المقالات التي تنشر وتكتب في المواقع الالكترونية للصحف الالكترونية سواء كان مواقع الصحف المحلية الرسمية أو مواقع الصحف الإلكترونية الخاصة .. فمن خلال التمعن في جميع هذه التعليقات وهذه الآراء التي يكتبها القراء يمكن القناعة التامة بدرجة وعي المواطن التي أصبح عليها في هذا العصر .. فعلى سبيل المثال نشر في عدد جريدة الرياض الصادر يوم الجمعة الماضي الموافق 8/10/2010 خبران الخبر الأول حمل العنوان التالي : ( ضبط صينيين بمشروع القطار باعا حمولة 5 تريلات حديد ب 125 ألف ريال ) . والخبر الثاني حمل العنوان التالي : ( ووزارة التربية والتعليم تعض أصابع الندم وتكتفي بإنذار الشركة الصينية لتأخرها في تنفيذ 200 مدرسة ) . هنا أتمنى من كل مسؤول " مخلص " يملك من السلطة ومن الصلاحية ومن النفوذ أتمنى منه التمعن في كل التعليقات والآراء التي كتبت على هذين الخبرين فقد حظي الخبر الأول بعدد ( 506) تعليقا وحظي الخبر الثاني بعدد ( 361) تعليقا .. مثل هذه التعليقات ليست إلا صورة تعبيرية طبيعية جديدة للرأي الاجتماعي المحلي في أحد جوانب شؤون ومجالات الخدمة التي يحتاج إليها المواطن التي تمس حاجته ... فقد جاءت هذه التعليقات مقياساً عادلاً ودراسة ميدانية تلقائية وطبيعية وناجحة لشعور المواطن في هذا العصر نحو مثل هذه الخدمات وهذا الجانب المهم من جوانب شؤونه اليومية .. إذن السؤال هل أدرك المسؤولون المعنيون هذه الحقيقة الجديدة وهذه الظاهرة ؟! هل يفكر هؤلاء المسؤولون المعنيون بحجم الشعور السلبي والرأي الجريء الذي أصبح للأسف الشديد " يتراكم " يوماً بعد يوم آخر في خواطر الناس من جراء مثل هذه الأخبار ؟! على كل أياً كانت الإجابة عن هذه التساؤلات فإنها لن تكون بحجم خطر المشكلة !! لكن من الواضح بل من المؤكد أن إهمال هذه الآراء ورفض مثل هذا الشعور الاجتماعي أو المكابرة المستمرة في تجاهل مثل هذه الانطباعات الاجتماعية عن مستوى الخدمات العامة بصفة عامة فإن ذلك قد يفرز لا قدر الله سلبيات أكثر خطراً في المستقبل .. أرجوكم قدّروا شعور المواطن ... واحترموا فكره الجديد احتراماً يجب أن يتبلور في أفعال نحتاج إليها كثيراً جداً لأننا نفتقدها كمّاً ونوعاً!!