سعدت جداً بتعقيب مدير عام العلاقات العامة والإعلام والمتحدث الرسمي للهيئة العامة للطيران المدني الذي نشر في هذه الجريدة يوم السبت الماضي تعقيبا على المقال الذي ورد في هذه الزاوية بتاريخ 7/8/2009م بعنوان " أزمة ومعاناة الحجز على الطائرة" وتضمن المقال أن شركتيْ الطيران الخاصتين اللتين حصلتا على رخصة تقديم خدمة الطيران في المملكة لم تحلا مشكلة الحجز وذلك يعود إلى كون الرخص التي تمت لهاتين الشركتين جاءت بطريقة (منحة ) ولأنها كانت رخصة مغايرة في إجراءاتها لما تم في رخصة خدمة الهاتف النقال في المملكة ..وقد جاء التعقيب بصورة "غاضبة" وحمل الكثير من العتب على طرح مثل هذا الموضوع وحاول أن "يقنع" القراء والرأي العام بأن رخصة الطيران التجاري في المملكة لم تكن (منحة) بقدر ماهي رخصة طبقت عليها كافة الإجراءات المتبعة في مثل هذه الرخص. أقول سعدت جداً بهذا "التعقيب" لأنه منح المقال فرصة جديدة للقراءة من قبل شريحة كبيرة جدا من القراء والمهتمين والمختصين والمعنيين وتم تداوله مره أخرى وبصورة اكبر من خلال المنتديات وهي فرصة لم تتحقق حين تم نشره خلال فترة الإجازة لذلك كانت درجة الاهتمام بالمقال اكبر بعد هذا التعقيب ..!! أعود لمضمون التعقيب وبداية أود أن أشير إلى ثلاثة أمور.. أولهما وأهمها أن الوطنية والولاء للوطن وللقيادة يمثلان شعوراً متلازماً في عقل وفي قلب كل مواطن وهما أمران لامجال إطلاقاً للمزايدة عليهما وهما ولله الحمد أسمى من الزج بهما في أي خلاف في الآراء .. ذلك فإنه لا يحق بل (لا يجوز) لأي شخص أو أي مسؤول أياً كانت صفته المزايدة عليهما على أمل أن يكسب الجولة أو يحقق التأثير في مفاهيم الآخرين .. فالولاء والوطنية هما أرفع من أن تسوق من خلالهما الآراء والأفكار على حساب الحقيقة او الحقائق !! الأمر الثاني .. وهو أن هذا التعقيب أسمع المواطن صوتاً ظل غائباً ومفقوداً مع كل مشاكل الطيران والحجز والسفر التي عمت الصحف خلال السنوات الماضية ..لذلك طرح سؤال عن هذا الدور الصامت لهذه الجهة أمام ملفات تلك المشاكل !! الأمر الثالث : أن المواطن والقارئ والمتلقي السعودي أصبح اليوم ولله الحمد على درجة كبيرة من الوعي الذي يمكنه من "تقييم" كل ما يكتب وكل ما يقال وكل ما ينشر وهو اليوم في عصر يتيح له بحث المعلومة قبل أن يقتنع بها وأصبحت أمامه كل الوسائل والطرق لبحث الأدلة والبراهين والوثائق والرجوع لها وتناقلها وتبادلها بكل سهولة ويسر وبأسرع مايمكن.. لذلك فالمتلقي اليوم أصبح يحمل فكرا مختلفا جداً عن متلقي الزمن الماضي لذلك يجب أن يخاطب متلقي الزمن الحاضر بما يكفل له احترام ثقافته ومعلوماته. ولعل جميع "التعليقات" التي حملها موقع جريدة الرياض على هذا التعقيب والتي تجاوز عددها أكثر من 120 تعليقا وكذلك التعليقات الواردة في المنتديات والمواقع الإعلامية الأخرى جميعها تؤكد حقيقة وعي القارئ وهي مقياس طبيعي لدرجة ذلك الوعي وهي تحمل الرد الطبيعي على كل ما ورد في ذلك التعقيب .. فأود من المسؤولين في الهيئة العامة للطيران المدني الاطلاع على كل تلك التعليقات فهي تمثل نموذجاً صادقاً لرأي المواطن تجاه خدمة تشرف عليها الهيئة العامة للطيران المدني ..!! ومرة أخرى أؤكد ان الهدف من ذلك المقال هو البحث عن أسباب استمرار تدني مستوى خدمة الطيران ولماذا لم تصل هذه الخدمة إلى الان إلى مستوى يليق بمكانة هذه البلاد السكانية والاقتصادية والسياحية والاجتماعية وبمستوى يماثل (على الأقل) ماتحقق لسكان الدول المجاورة لنا ؟؟ لذلك فان الآلية (السباعية) التي أوردها تعقيب الهيئة العامة للطيران المدني والتي استند عليها في (منحة ) رخصة الطيران طرحت المزيد من التساؤلات المهمة التي تبحث عن إجابات أكثر أهمية .. أول هذه التساؤلات لماذا تمت العملية ب (دعوة) شركات ولماذا لم تقتدي هيئة الطيران المدني بهيئة الاتصالات التي تعاملت بكل مهنية راقية وبكل شفافية وعلانية أمام الرأي العام ونجحت من خلالها وباقتدار تام في منح رخصة الهاتف النقال الثانية في المملكة بمبلغ (12.2 مليار ريال) ونجحت أيضا وبامتياز في منح الرخصة الثالثة بمبلغ ( 22.91 مليار ريال ) وأشعرت الرأي العام بكل العروض الأخرى المقدمة في تلك الرخص وبمبالغها ومبررات رفضها .. ورخصة الطيران من المؤكد أنها خدمة مربحة جدا وقد تفوق رخصة الهاتف النقال ومن واقع نجاحها في الدول المجاورة !! السوال الآخر لماذا لم تعلن الهيئة العامة للطيران المدني أسماء جميع الشركات التي تقدمت فعلا او الشركات التي تمت دعوتها بطلب الحصول على رخصة خدمة الطيران ومبررات استبعادها او رفض طلباتها ؟؟وتساؤل آخر اذا كانت هاتان الشركتان هما بالفعل من قدمتا أفضل العروض من واقع ما تضمنه التعقيب فكم كانت قيمة تكلفة الرخصة الواحدة التي دفعتها الشركة الواحدة للدولة ؟ والسؤال الثالث ان هاتين الشركتين من واقع ما نشر صحفيا قد حصلتا على عدة تسهيلات ملاحية وأرضية وحصلتا على دعم مالي (اعانة) بمبلغ (مئتي مليون ريال) لكل منهما إذن هل مثل هذا الدعم تحقق لشركات الهاتف النقال؟ وهل سيتحقق مثل هذا الدعم لشركات طيران أخرى ؟ السؤل الرابع اذا كان هذان العرضان هما أفضل العروض وان حصول هاتين الشركتين على الرخصة تم بعد اجتيازهما ثماني مراحل تقييم صارمة جدا !! فهل المسؤولون في الهيئة العامة للطيران المدني راضون اليوم كل الرضا عن مستوى خدمة هاتين الشركتين من واقع أدائهما الحالي ومن واقع مستوى الخدمة ؟! أترك الإجابة للقارئ فقط !! .. هناك المزيد من التساؤلات لكن لايسمح المجال بطرحها !!! *****