حيث إنني لا أقود سيارتي بنفسي إلى العمل كل يوم، فإني غالباً ما استفيد من مشواري الطويل من البيت إلى مكتبي والذي بسبب زحمة مرور الرياض وساعات الذروة المتواصلة في مدينتي الحبيبة ليل نهار قد يصل إلى ساعة كاملة، كافية لمراجعة أي تقرير بل حتى قراءة كتاب بأكمله. لذا فإن دوامي يبدأ منذ اللحظة التي أركب فيها سيارتي. فغالباً وأنا في السيارة أكون منشغلة بمراجعة تقاريري وقراءة بريدي فلا أتطلع لمشاهدة طريقي أو المعالم حولي. إلا أنني في الأسبوع الماضي كنت مجهدة، مرهقة ومتعبة ولم يكن لدي القدرة على التركيز بالرغم من أني في بداية يومي، لذا قررت أن أريح دماغي وأتمتع بمشاهدة الشوارع والحدائق وأنواع السيارات والمحلات والبشر من حولي. ولفت نظري على يميني ونحن في طريق النهضة عدة لوحات تشير إلى أسماء شوارع لا وجود لها شارع أحمد البلخي، شارع ابن قندس، وكل هذه العلامات تشير إلى هضبة في أعلاها بيت كبير وليس هناك شوارع حيث تشير هذه اللوحات!! وما إن سرنا بضعة أمتار حتى رأيت شارعاً غريباً يتحد مع طريق النهضة بزاوية شاذة يستحيل على أمهر السائقين أن يخرج منه إلى طريق النهضة دون أن يكون بعاكس اتجاه المرور! فقررت منذ ذلك اليوم أن أحرص على استكشاف مفاجآت الرياض كلما كنت في السيارة، وفي غضون بضعة أيام لاحظت كم أن شوارعنا فسيحة وجميلة معبدة ومرصوفة على أحدث المواصفات والمعايير وتحفها الأشجار الوارفة والزهور الجميلة، ومزودة بأحدث التقنيات من إشارات مرور وأعمدة إضاءة وكاميرات (ساهر). كما لاحظت كم أننا – أحياناً – لانبالي.. فلا يكاد يخلو تقاطع من إشارة مرور مصابة أو حواف رصيف مهدم، ولا يكاد يخلو شارع من مصباح إنارة معطوب ومتدلي، أو شجرة مسكينة منكسرة أو زهرة بريئة مسحوقة!! لماذا هذا الشر والاستهتار؟ وديننا الحنيف يحثنا على إماطة الأذى عن الطريق! فكيف نسبب الأذى للطريق؟ ديننا ينهانا عن أن نقتلع شجرة في الحرب من أرض العدو، فكيف نقتلعها في السلم وعلى أرض الوطن؟!