أشكر الكثير من القراء الكرام على تفاعلهم مع مقال الأسبوع الماضي "افتراش وحبحبوه" والذي ناقشنا فيه قضية الجيل الثاني من أبناء الأقليات المهاجرة لدول الخليج وما يشكلونه من ثقافة عنف جديدة تختلف عن ثقافة آبائهم المسالمة والبحث عن مكان آمن وعيش كريم في دول الخليج . واستكمالا لهذا الموضوع اطرح اليوم البعد المؤسسي لتلك الأقليات والتي نمت في الظل أوعلى هامش المؤسسات الرسمية . قد يأتي من يقول : هذه المؤسسات غير موجودة للأقليات ، والجواب نعم بالنسبة للمواطنين فهي معروفة فقط لأبناء كل جالية على حدة . وقد تبدأ من عزبة صغيرة لاستقبال أفراد جالية معينة ومنها تنطلق شرارة الفساد وربما الجريمة مثل ما حدث من جريمة العمال الصينيين وحديد قطار المشاعر حديث الصحافة السعودية هذه الأيام . فلو نظرنا لمعدل نمو المدارس الأجنبية في دول الخليج كمؤشر على نمو جالية معينة سندرك معها نمو مؤسسات أخرى مثل المطاعم والبقالات وغيرها من مؤسسات الخدمات العلنية . ولكن هل هي مؤسسات علنية فقط ؟ بالطبع لا . فهناك مؤسسات ظِل لا يمكن التعرف عليها لأنها خارج التنظيم الرسمي للبلاد. ولعل أبرزها تلك المؤسسات الخفية مثل محاكم التزويج لدى الجالية البنغلاديشية على سبيل المثال او مؤسسات الصيارفة والتحويلات لدى معظم الجاليات فهذه المؤسسات تقوم بتزويج وتطليق أبناء الجالية بعيدا عن الوضع الرسمي . طبعا يشجع على ذلك سعي بعض الكفلاء للخلاص من تكاليف بعض الأيدي العاملة النسائية فيجعلونهم في مساكن مستقلة تسهل لهم حرية الاختلاط والتزاوج خارج الدفاتر الرسمية . وقس على هذا موضوع التحويلات المالية خارج الدفاتر الرسمية . وهكذا نشأت محاكم وبنوك ظِل بدأت صغيرة وستظل تنمو طالما صعبت عليهم الطرق الرسمية . طبعا هناك من يحاول طرح قضية الاتجار بالبشر وتشويه نظام الكفيل المشوه فعلا بممارسات رسمية وغير رسمية . ولكن هذا موضوع آخر ربما نتطرق له بتوسع مستقبلا. ومن دراساتي السابقة في الشأن العرقي استطيع تفهم طروحات البعض والمستشهدة بمثل الحفرة الانجليزي الذي يقول: عندما تقع في حفرة فتوقف عن الحفر لكي لا تتعمق هذه الحفرة فيصعب خروجك منها . وهومثل يستشهد به الكثير في تشخيصهم للواقع الخليجي واستقدام الأيدي العاملة لبناء المدن ومعها يتم فقدان تلك المدينة وهويتها لتلك الجحافل الوافدة . وهنا نتوقف مع وقفة بعض دول الخليج التي درست موضوع الهوية الوطنية في ظل خلل التركيبة السكانية التي فاقت السكان الأصليين بالضعف أحيانا . وهناك مؤشرات أخرى على هذا التغلغل في نسيج الجسد الخليجي فهناك من يقول هناك تراجع في توزيع الصحف المحلية عند مقارنته بزيادة توزيع الصحف الاوردية والتغالوغ والماليلية وغيرها من الصحف العرقية الأخرى. وهناك مكاتب توظيف من الجاليات للجاليات وبيع تأشيرات باسم الاستثمار الأجنبي . ولن تقف حدود حفرة الخليج عند هذا الحد فهي في عمق واتساع وفق فرضية ضاحي خلفان القائد العام لشرطة دبي التحذيرية ، كلما زادت العمارات قلت معها الهوية الوطنية في علاقة عكسية واضحة. وهنا ندعو مجددا لتأسيس مراصد لتلك المؤسسات العرقية الناشئة في الظل وجلبها للعلن حتى لا تتسع حفرة الخليج العرقية .