لا تنتشر ظاهرة زواج القاصرات بين البريطانيين على نطاق واسع، على رغم تسجيل حالات في أوساط بعض الجاليات، سواء تمت على الأراضي البريطانية أم خارجها. وعدم انتشار هذه الظاهرة في شكل خاص بين البريطانيين يعود كما يبدو إلى واقع أن المجتمع البريطاني متحرر جنسياً إلى حد كبير، والعلاقات بين من هم تحت السن القانونية – 16 سنة – منتشرة في شكل واسع على رغم أنها محظورة قانوناً. وإن أدّت العلاقة بين هؤلاء القاصرين إلى الحمل، فإن ذلك لا يعني بالضرورة إرغامهم على الزواج، كما في مجتمعات أخرى، إذ لديهم الخيار بالإجهاض أو الاستمرار في الحمل والإنجاب من دون أن تكون هناك ضرورة لوجود أب أو زوج يرعى المولود. وإن كانت ظاهرة الأم «القاصر» مقبولة في شكل عام في المجتمع البريطاني، إلّا أن بعض الجاليات العرقية تتلافى إمكان الوصول إلى مثل هذا الوضع باللجوء إلى إرغام بناتها على الزواج في سن مبكرة جداً. وغالباً ما تتفشى هذه العادة في فصل الصيف وبخاصة خلال العطل المدرسية، عندما يأخذ الأهل بناتهم إلى بلدانهم الأصلية (مثل باكستان وبنغلادش أو دول أفريقية) لتزويجهن وهن ما زلن تحت سن 16 سنة. وثمة مؤشرات إلى أن هذا الأمر لم يعد يقتصر على تزويج الفتيات خارج بريطانيا. فقدت نشرت صحيفة «إيزلنغتون تريبيون» اللندنية أن هناك تزايداً لحالات تزويج الفتيات تحت سن 16 سنة في هذه الدائرة الواقعة في شمال العاصمة البريطانية. ويستند تقرير الصحيفة إلى أرقام «منظمة حقوق المرأة الكردية - الإيرانية التي أوردت معلومات عمّا لا يقل عن 30 حالة تزويج قاصرات بالقوة في إيزلينغتون وحدها عام 2010. ومن بين هذه الحالات خمس فتيات تتراوح أعمارهن بين 9 و11 سنة، وأكبرهن تبلغ 16 سنة. وتتم هذه الزيجات أمام مأذون في محكمة إسلامية ولا تُسجّل في الدوائر الرسمية البريطانية. وتوضح مدير منظمة المرأة الكردية - الإيرانية، ديانا نامي، إن الفتيات الصغار اللواتي يتم تزويجهن يُرغمن على معاشرة أزواجهن، وهو أمر غير مسموح به قانوناً في بريطانيا إذا لم تبلغ الفتاة سن 16 سنة. وتضيف: «عليهن الطهي (لأزواجهن)، وغسل الملابس، وفعل أي شيء يُطلب منهن. لكنهن ما زلن يذهبن إلى المدرسة في إيزلنغتون، ويجاهدن لأداء فروضهن... وفي الوقت ذاته يتم معاشرتهن بالقوة من أزواجهن وإساءة معاملتهن من قبل عائلاتهن. لذلك، فهن يصبحن زوجات ولكن في ملابس المدرسة الابتدائية». وينفي مسؤولون في الجالية المسلمة في بريطانيا أي علاقة للتعاليم الإسلامية بموضوع تزويج القاصرات، ويقولون إن هذه الحالات إذا ما تمت فإنها تتم بناء على عادات قبلية أو اجتماعية وليس بناء على نصوص دينية. وإذا كانت ظاهرة تزويج الفتيات القاصرات تُسجّل على الأرض البريطانية إلّا أن السلطات تعتبر أن خطورتها الأكبر هي عندما يسافر الشاب أو الفتاة مع الأهل إلى الخارج فيتم تزويجهما على رغم إرادتهما. وتقول: «وحدة الزيجات بالقوة» التي شكلتها الخارجية البريطانية (بالتعاون مع وزارة الداخلية)، وجدت أن آلاف حالات تزويج الفتيات (وأحياناً الشبان) تتم بالقوة خارج الأراضي البريطانية خصوصاً خلال العطلة المدرسية في الصيف. وتقوم الوحدة بحملة توعية لشرح كيفية مساعدة الشاب أو الفتاة الذي يأخذه أهله في «عطلة» ليجد نفسه أمام زواج قسري». وتنقل الوحدة قصة سولا (24 سنة الآن) وهي أفريقية صماء تصف نفسها بأنها تعيش حياة «مستقلة» لم تعجب أهلها كما يبدو. فقد أقنعوها بأن تزور جدتها المسنّة في بلدها الأفريقي، وعندما طارت إلى هناك أبلغوها بأن زواجها قد تقرر في الأسبوع ذاته. استخدمت سولا هاتفاً وبعثت برسالة إلى السفارة البريطانية التي هرعت لإنقاذها من «براثن» زواج لا تريده. أما لينا (19 سنة) ذات الملامح الشرق أوسطية فتروي أن والدها غضب جداً عندما عرف أن لديها شاباً صديقاً («بويفريند») فعاقبها بقص شعرها وسجنها في غرفتها و «بدأ يعد زواجي من رجل لم أره في حياتي. قال لي إن عليّ أن أتبع العادات (لمجتمعها الأصلي) ولا نقاش في ذلك. لم يكن أمامي من خيار آخر». لكنها بدل قبول زواجها من الرجل الذي اختاره لها والدها، قامت لينا بتناول جرعة زائدة من الأدوية المخدرة لكنها نجت من الموت وحمتها الدولة من أهلها.