الحب وعدٌ بالسعادة.. ورغم ما فيه من ألم إلا أنه يطرد الضجر ويجعل الحياة تحلو.. والعرب من أكثر الأمم إبداعاً في شعر الحب.. يقول الشاعر العربي: من عاش في الدنيا بغير حبيب فحياته فيها حياة غريب ما تنظر العينان أحسن منظراً من طالبٍ إلفاً ومن مطلوب ويفخر العربي بأنه أسير الحب.. أبو فراس: «نحن قوم تذيبنا الأعين النج لُ على أننا نذيب الحديدا طوع أيدي الظباء تقتادنا الع ين ونقتاد بالطعان الأسودا نملك الصيد ثم تملكنا البي ض المصوناتُ أعيناً وخدودا فترانا يوم الكريهة أحرا راً وفي السلم للغواني عبيدا» و(الغانية) هي من أغناها جمالها الطبيعي عن الزينة.. وإذا قرأنا شعر الغزل - بالفصيح والشعبي - تجده بمثابة الورود والزهور في حدائق الشعر والشذى والعطور في بساتينه.. ولّعتني بالهوى والحب ساره ولعتني من غنادير البناتِ (محمد بن فهيد القحطاني) * * * يقول ابن عبدربه: «يُذكرني تبسُمُك الأقاحي ويحكي لي تورَّدكَ الربيعُ» ولبشار بن برد: «أنا والله اشتهي سحر عنين ك وأخشى مصارع العشاق» ويقول المعز لدين الله الفاطمي: «أطل الحسن في جبينك شمسا فوق ورد في وجنتيك اطلا وكأنّ الجمال خاف على الور دِ جفافاً فمدّ بالشعر ظلاً» وللآخر: « يزيدك وجهه حُسناً إذا ما زدته نظراً» ولعلي بن الجهم: «عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري أعدن لي الشوق القديم ولم أكن سلوت ولكن زدن جمراً على جمر» * * * ومن شعرنا الشعبي الذي كثر فيه الغزل والحب يقول الشاعر محمد بن فهيد القحطاني: «ولعتني بالهوى والحب ساره ولعتني من غنادير البنات راس ساره ذيل شقراء وسط غاره والجدايل بالرشوش مجدلات والثنايا قحويان في زباره عله الوسمي على حد النبات يا وجودي وجد مكسور الجباره ساهر تسعين ليله ما يبات حالف ما اسلى ولا انسى حب ساره كود أهل (شقرا) يخلون الصلاة» قحويان: الأقحوان، وفي البيت الأخير مدح ضمني لأهل شقراء حيث وصفهم بالتقوى والمحافظة على الصلاة.. * * * ويقول دبيان السبيعي: «ارفع الصوت ما هاضني طرب والاجاويد مثلي يعذرونه لا تقولون مجنون يا عرب راعي الحب يا ناس ذا لونه يابس الكبد عطشان ما شرب كود اهل داعج العين يسقونه غصن موزٍ خوض اللّزا قرب واحلالاه يا هزعة غصونه» ولامرأة من نجد (أرسلتها لزوجها المسافر وقد طوّل): «ياراكب من فوق خمس بكراتٍ متحنيات كنهن الاهلة يشدن فرق من القطا يوم ياتي ولا حمام ناحرٍ الاطلة قل له ترى نجد زهاه النبات وما فيه خل الا نهج يم خله» وللشاعر سليمان الهويدي: «الزين بينةٍ رسومه يا علي وان القمر غير النجوم اللي معه والخيل اعرف اصيلها من تقبلي واعرف عفري الظبا من مدمعه والبيض شاسع فرقهن لا تسألي الزين يوهبه الكريم ويمنعه وجدي على نجل العيون الاكحلي النفس به مجبوره ومولعه راعي ثمانٍ مرهفات ذبلي بيض تلالا حدر طرقة برقعه غصن من الجنس اللطيف مكملي الله أكبر يا جماله ما أروعه! زينه بلا مكياج وبليّا حُلي زين طبيعي ولا يستصنعه» وللشاعر الكبير محمد الأحمد السديري: «لولا الحيا واعلل القلب بوعود بوعود خل صار شوفه شفاقه لولاه ما عودت نفسي على الكود وهو الوحيد اللي عشقته عشاقه اختار قلبي بالهوى ناعم العود ما غيره احد من المخاليق شاقه طفل عليه من البها ستر وعقود زين القوام اشباه وجهه دقاقه إن كان شفته فتح القلب بورود وان غاب هلّت دمعتي من فراقه»