ليس مطلوباً من المطرب أن يكون متحدثاً جيداً، وأن يظهر كثيراً عبر الفضائيات، بل المطلوب منه فقط هو أن يؤدي بإحساس كبير في أغانيه. بعض المطربين للأسف أصبح يظهر في الفضائيات «على الرايح والجاي» وكأن المتابع ليس له مهنة إلا مشاهدته، ولم يستوعب أنه فنان فقط، وأن الجمهور لا يريد منه إلا الغناء فقط، ولا يريد أن يُصدم في ضعف قدرته على التعبير وفي بساطة ثقافته ومحدودية معرفته. ونحن مضطرون إلى قول هذا الكلام بعد الظهور الأخير للفنانة أحلام في برنامج «أبشر» مع نيشان، ذلك لأنها كثيراً ما تخرج عبر الفضاء تردد وتقول ما تشاء من دون الاكتراث إلى زلات اللسان، وما زالت - ولن تتوقف - على هذه الحال، علماً أن هويتها الأساسية هي «مغنية» وملعبها هو المسرح أو الاستديو وليس التحدث أمام مذيع مثل نيشان. إن كثرة الظهور الإعلامي تقلل من قيمة الفنان، ولتجعل أحلام قدوتها المطربة الرائعة «فيروز» التي لم تظهر عبر وسائل الإعلام منذ سنوات طويلة، ليس لأنها لم تتلق عروضاً من البرامج التلفزيونية، بل لأنها تعرف أنها مطربة وعليها التزام هذا الدور وإتقان ما تقدمه في أغانيها، ولذلك أصبحت «مقدرة» عند الجمهور. أيضاً هناك الفنان راشد الماجد الذي امتنع عن الظهور في البرامج الفنية منذ آخر ظهور له في برنامج «خليك بالبيت» مع زاهي وهبي قبل سنوات، والسبب بحسب ما يقوله الماجد: «الجمهور لا يريد مني سوى أن أقدم له الأغنية الجميلة». ورغم ظهوره الإعلامي القليل إلا مكانته في عالم الأغنية العربية تزداد قيمة يوماً بعد يوم. وعندما نخصّ أحلام في حديثنا عن كثرة ظهورها في البرامج، وخصوصاً مع نيشان، فذلك لأنها لا تحسن الحديث، ولا تزنُ كلماتها جيداً، ومن ذلك ما رأيناه في لقائها الأخير في «أبشر» حين تحدثت بشكل فج عن السعوديين، ولا أتوقع أنها نسيت أن السعوديين حكومة وشعباً لهم اليد الطولى في فعل الخير، ونجدة الملهوف، والسعي إلى التبرعات، ومساعدة المنكوبين في كل بقاع الأرض، وما هو أكد أنها لاحظت ذلك بعد نكستها الصحية والعمليات التجميلية!. لو ابتعدت أحلام عن نرجسية «الأنا» و(الهذرة الزايدة) وركزت في غنائها لكانت بمستوى أجمل مما هي عليه الآن، فضلاً عن ابتعادها عن المنافسة في ظل وجود فنانات عربيات يقدمن الأغنية الخليجية بمقدرة عالية، مثل المطربة السورية «أصالة»، و«منى أمارشا» وغيرهما. أليس أجدى لأحلام أن تنجز ألبومها الجديد، الذي تأخر كثيراً كي لا يستمر تراجعها الفني المخيف؟. على أحلام وعلى غيرها من المغنين أن يعلموا أن دورهم ينحصر في إتقان الغناء، وفي تقديم أعمال راقية، ولابد أن يكفوا عن «الحديث» عبر البرامج التلفزيونية؛ لأن حديثهم سيئ وسطحي لن يفيد المشاهد بأي شيء، وليسألوا أنفسهم هذا السؤال: متى آخر مرة شاهدتم فيروز تتحدث في لقاء تلفزيوني؟. فيروز