دخلت مصانع أوروبا الغربية للبتروكيماويات في صراع مرير جراء اعتمادها على مادة النافثا كمادة أولية لقيم التي أفقدتها الميزة التنافسية التي تحظى بها نظيراتها في السعودية وأمريكا الشمالية المعززة بمادة الإيثان كلقيم الذي يمثل أكبر قيمة تنافسية نظراً لانخفاض تكاليفه مقارنة مع ارتفاع تكاليف النافثا، فضلاً عن مشكلات النقل والإمداد الأمر الذي عقد أوضاع الشركات الأوروبية حالياً وجعلها في وضع حرج ومستقبل مظلم خلال السنتين القادمتين. وتابعت "الرياض" تطورات الوضع في أوساط المصانع الأوروبية التي شبه مسؤولوها الأمر بحالة حرب تنافسية وذلك نظراً لسهولة وصول المصانع السعودية والأمريكية لإمدادات الغاز الطبيعي مقارنة مع المصانع الأوروبية في الوقت الذي بدأت وفورات الغاز الطبيعي أكثر تدفقاً في أمريكا بما يفي بحاجة 100 عام قادمة ولذا فقد ظلت أوروبا في وضع تنافسي غير ملائم. وعلق بول هودجز رئيس مجلس إدارة شركة استشارية بريطانية بقوله من الملاحظ بأنه منذ عام 1986 إلى 2003 لم تكن هناك أي مزايا تنافسية في التكلفة بين الإيثان والنافثا في الوقت الذي كان الإيثان السعودي الأرخص، إلا أن النافثا قد ارتفعت تكاليفها بسبب معوقات النقل والإمداد وهذا ما حدث في الفعل خلال الستة سنوات الماضية التي شهدت اختلافاً كبيراً جداً بين أسعار الإيثان والنافثا. فيما علق أحد مستشاري شركة الأبحاث العالمية للاستشارات المالية في أمريكا بأنه كان هناك اختلاف واضح جدا في أسعار الإيثان والنافثا خلال السنوات القليلة الماضية، حيث بلغ معدل سعر النافثا 117.8 سنتاً للجالون مقابل 42.3 سنتاً لجالون الإيثان وفق معدل عشرين عاماً. وفيما يشكل مدى توافر ونوعية المواد الخام شرطاً رئيسياً على الصعيد العالمي فقد هيمن الإيثان بشكل رائج في منطقة الشرق الأوسط نظراً لكثافة الاحتياطي وجهود دول المنطقة في تسهيل وفوراته وإمداداته للصناعيين. وعلى الرغم من ذلك يلاحظ بأن شحن النافثا يمثل جدوى اقتصادية وميزة مقارنة بشحن المواد الخام الأخرى مثل الميثان والبروبان ولذا يبدو شحن النافثا أكثر منطقية لمعظم الأقاليم المستوردة، في الوقت الذي يستبعد بناء أي وحدات تكسير للإيثان في أوروبا وهذا ما يزيد الأمر سوءاً. وليس من المستغرب أن يحدث اختلاف في الأسعار بين النافثا والإيثان حيث إن أسعار النفط الخام الذي تعد النافثا أحد مشتقاته تخضع لتسعيرة عالمية موحدة في حين أن أسعار الغاز الطبيعي الذي يعد الإيثان أحد مشتقاته تخضع لتسعيرة السوق المحلية ووفقاً لما تمليه حالة العرض والطلب الإقليمية. وسوف تنضم روسيا لقائمة المستفيدين من وفرة الإيثان كالسعودية وأمريكا، حيث تنعم روسيا بوفورات هائلة من الغاز الطبيعي مهدت لها الطريق لقيام صناعات بتروكيماوية ضخمة، إذ تعكف حالياً إحدى أكبر الشركات الروسية لتشييد مصنع ضخم جداً للإثيلين بطاقة مليون طن في سيبيريا يعتمد بشكل رئيس على سوائل الغاز الطبيعي مثل البروبان والبيوتان والايثان كمواد خام غير مكلفة مما يمنحها قوة مضافة للمنافسة أمام مصانع أوروبا الغربية التي تعتمد على النافثا كمادة خام مكلفة. ومن المخطط أن يتم اتخاذ قرار حول تشييد المصنع في أواخر عام 2011 وفي حال إقرار المشروع من المقرر أن يتم تدشينه بحلول 2015-2016، وعند اكتمال المشروع سوف تحقق روسيا نقلة نوعية في صناعة البتروكيماويات وسوف تتحول من مستورد إلى منتج وخاصة لمادة البولي إثيلين الذي تستورده الآن وتسعى لتصنيعه واستهلاكه محلياً.