تستعد المصارف السعودية خلال الفترة القادمة لتعزيز وتنشيط عملياتها الائتمانية والاقراضية وسط مؤشرات اقتصادية تشير إلى أن مبادرات المصارف السعودية لاختراق سوق التجزئة وتوسيع نطاق منتجاتها قد أسهم في تعزيز امتيازاتها التجارية ومراكزها السوقية في السوق المحلي. يأتي ذلك بعدما أعلن محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر الأسبوع الماضي بأن البنوك السعودية لديها الملاءة المالية والسيولة الكبيرة بعدما شهدت السنوات الماضية نمواً في حجم إقراض القطاع الخاص، حيث وصل النمو في عام 2008 إلى نحو 27 في المائة في حين شهد العام الماضي وفقا للجاسر استقرارا في حجم إقراض القطاع الخاص والذي عاود النمو مجدداً خلال الأشهر الأخيرة من العام الجاري عندما وصل نمو الإقراض إلى 4.9 في المائة تقريباً. وتأتي هذه المعطيات وسط تأكيدات محافظ مؤسسة النقد على عدم وجود توجه في الوقت الراهن لتغيير سياسة أسعار الفائدة في السعودية، مبررا ذلك بأن مستويات السيولة الحالية في السوق في وضع جيد. في الوقت ذاته أشار تقرير اقتصادي متخصص إلى أن البنوك السعودية متحفظة في الفترة الماضية إزاء تسريع عمليات التوسع الائتماني مقارنة بنظيرتها الخليجية لتوخيها الحذر بقدر أكبر نحو التكتلات العائلية في ظل أن الطلب على التمويل اشد ضعفاً من المتوقع في الوقت الذي يشهد فيه سوق التمويل الدولي ضعفا كبيرا في الطلب. وذكر التقرير أن زخم الإقراض في الدول الخليجية يواصل مساره الضعيف، مؤكدا بأن ضعف قدرة المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم في المنطقة على نيل فرص ائتمان يعوق جهود التعافي الاقتصادي بما يتعين على القطاع الخاص أن يعيد اكتشاف نفسه. وتوقع التقرير الذي أعده بنك كريدي أغريكول أن يكون إصدار السندات أقل قوة وتماسكا وأن تستمر المشاريع التجارية في السعودية والخليج في مواجهة ظروف تمويل صعبة وشديدة بعد أن تراجعت نسبة النمو السنوية للائتمان بين الأنظمة المصرفية الخليجية، إضافة إلى أن زخم الإقراض كان بطيئاً بحيث أصبح من الصعب استعادة وتيرة التعافي بشكلها المتواضع. وأشار التقرير إلى أن المشاريع التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم ستستمر في مواجهة صعوبة الحصول على ائتمانات مصرفية في الوقت الذي سيكون فيه الإقراض المصرفي للقطاع الخاص بحاجة إلى بعض الوقت للعودة لوضعه الطبيعي. وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أشارت في تقرير حديث لها إلى أن أسعار الفائدة المنخفضة للمصارف المحلية فرضت ضغوطا على ربحيتها في الوقت الذي تتمتع فيه معظم المصارف السعودية بامتيازات تجارية قوية فضلا عن تمتعها بحصة سوقية قوية في السوق المحلي. وقال التقرير إن فرص نمو الامتياز التجاري على مدى السنتين الماضيتين تبدو محدودة وأن مبادرات المصارف السعودية لاختراق سوق التجزئة وتوسيع نطاق منتجاتها المتوافقة مع الشريعة الإسلامية قد أسهم في تعزيز امتيازاتها التجارية ومراكزها السوقية، كما أن إدارة المخاطر لدى المصارف السعودية المصنفة ائتمانيا في تحسن مستمر. وأفاد التقرير المتخصص عن القطاع المصرفي المحلي أن المصارف السعودية تتمتع بالسيولة الكافية حيث من المرجح أن تقوم بتمويلاتها من الودائع المحلية المستقرة مما يحد من أوجه الضعف المرتبطة بالتمويل. وقال التقرير بأن المصارف السعودية تواجهها العديد من التحديات تتمثل في التركيزات العالية في الودائع والاستحقاقات غير المتوائمة بين الموجودات والمطلوبات. وأبان التقرير بأن الفضل في قوة المصارف السعودية يعود إلى الدخل التشغيلي القوي في عملياتها المصرفية وإلى الرقابة الصارمة التي تمارسها مؤسسة النقد على القطاع المصرفي في الوقت الذي أثبتت فيه المصارف السعودية قدرتها على زيادة رساميلها بسهولة خلال سنوات الانتعاش الأخيرة وحتى منتصف عام 2008 واستطاعتها الكبيرة من المحافظة على معدل كفاية رأسمالية عالية منذ ذلك الوقت. يشار إلى أن البنوك السعودية المدرجة في السوق المالي سجلت خلال النصف الأول من 2010 انخفاضاً في أرباحها المجمعة بنسبة 9 في المائة إلى 11.7 مليار ريال مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2009 التي حققت خلالها أرباحا تجاوزت 12.9 مليار ريال. وجاء هذا الانخفاض في الأرباح المجمعة للبنوك المدرجة خلال النصف الأول من عام 2010 على خلفية تراجع عوائد العمولات الخاصة وذلك بسبب تراجع محافظ الإقراض وانخفاض عوائد الاستثمارات مع وصول أسعار الفائدة إلى مستويات متدنية.