أسر تنعم بالوصل يسودها الحب والاستقرار، وأسر تشتكي القطيعة وتعيش في كهوف الغربة متجاهلة أهمية الوصل وتأثيراته على الترابط الأسري، فما الأسباب التي أدت إلى قطيعة الرحم وانتشارها الملحوظ لدى البعض والذي قد يستمر أحيانا لسنين. بداية تقول "أم وائل" أحيانا قطيعة الرحم يحكمها البعد وسلطة الآخرين فبحكم زواجي من خارج محيطنا لا يتسنى لي رؤية أقاربي، فكنت التقي بهم في المناسبات التي أصبحت لا تشملني وإذا قمت بزيارتهم تكلفوا لنا مما يحرج زوجي وأصبح يرفض زيارتي لهم ومع توسلاتي المتكررة أحظى برؤيتهم كل سنة أو سنتين مرة. وتعلق "منيرة" بألم بالغ فتقول الخلافات سر قطيعة الرحم، فأخي التوأم لم أره منذ ثماني عشرة سنة؛ بسب خلاف عائلي بينه وبين والدي طرده على إثره من البيت وابنته شذى في عامها الأول فهي أول حفيدة لوالدي، وطوت الأيام الأشواق ولم تبق سوى الذكرى والحسرات، وفي يوم من الأيام وبحكم عملي في إدارة إحدى الكليات تقدمت لي إحدى الطالبات فكان الاسم يدق أجراس الماضي شذى كم كبرت وكم قست السنين في حرماننا من أغلى أحبائنا، كلانا دفع ثمن كبرياء أخي وتعاليه على إرضاء والده وقطع رحمه لسنوات. ويقول "خالد الحويطي" نعوذ بالله من قطيعة الرحم، فلا يعني تزايد مشاغل الناس وانغماسهم بحياتهم الخاصة أن يقطعوا رحمهم ويهجروا أقاربهم فسبل التواصل كثيرة ومتعددة منها الهاتف فله دور في صلة الأرحام فهو قد يقوم ولو بجزء بسيط عن الزيارة، كما يجب استغلال المناسبات السعيدة أو الحزينة لتهنئتهم أو للوقوف معهم في محنتهم فقد يأتي يوم يحتاج فيه إلى مساندتهم فهم أهله وعزوته، ولا يخفى بأن قطيعة الرحم مدعاة للفقر وغضب الرب. وتضيف "أم غدير" أعاني كثيراً من قطيعة الرحم، فقد توفي زوجي تاركاً لي ابنتين يسكن أعمامهم بنفس الحي الذي نسكن فيه وبالرغم من تجاوز ابنتي الكبرى السابعة عشرة والأخرى الخامسة عشرة لكنهم لم يروا حتى أشكالهم فهم لم يتعرفوا على أحد ومنغلقون تماماً على من حولهم، وعندما توفيت ابنتي الكبرى بمرض مزمن جاؤوا لتقبل العزاء وليتهم لم يأتوا فأين هم قبل ذلك؟. ويقول "فواز علي" كثيرا ما نسمع بخلافات بين الأقارب تصل أحيانا للمحاكم والتي ان لم تعالج بحكمة وعدل فإنها ستذهب على ما بقي من أواصر القرابة ولا يبقى سوى الاسم الرابط بينهم، وتناسوا أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا الشأن" من أحب أن يبسط له في رزقه و ينسأ له في أثره فليصل رحمه". وتسرد "أم عائشة" حكايتها، فتقول: "نشبت مشكلة بين والدي وعمي وانقطعنا تماما عنهم سوى عماتي اللاتي أراهن في المناسبات أما بناتهن فأعرف أسماءهن جيدا أما أشكالهن فلا أميزها عن بعض كثيراً وأحُرج إن سألني أحد أقاربي عن إحداهن فلا يربطني بهن إلا السلام، سامح الله والدي وعمي ليتهم لم يدخلونا في مشاكلهم فانا وأخواتي نعاني كثيراً من هذا الحال وكم نتمنى لو ينتهي الخصام خوفا على والدي من هذا الذنب العظيم. وتوضح أستاذة الدراسات الاسلامية "جهاد الشامان" أهمية صلة الرحم، وأن الإسلام يوصينا بها ويشدد علينا بأدائها، ويجعلها من الطاعات المقربة إلى الله والمسببة للمغفرة وسعة الرزق والبركة في العمر في الدنيا والآخرة، كما نهى عن قطع الرحم وجعلها من أسوأ المعاصي التي تقود الى النار.