تنسج هذه المدينة أحلامها الوردية بخيوط الأمل في الليل .. تتوسد مغزلها .. وتنام (في العسل والطحينة ) .! لم تكن تعني لي هذه المساحات (الفارغة) من سكون الليل وصخب النهار شيئا .. كنت أملؤها بما يُبقي حواسّي يقظة ، أتأمل آيات الجمال من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وشمالي .! أوقات كثيرة ، كان يمكن أن تقذف بي ساعاتها إلى خارج الزمن ، دون أن يأبه بي أحد .. لكن دائما أجد كائنا (ما) ينتظرني هنا أو(هناك) .! أحب مركّبات الألوان ودرجاتها ، أجدها في كل ما حولي من آيات الجمال في الموجودات . أرفع عينيّ إلى سماوات لا نهائية .. رفعَ سُمكها مبدع الكون .. أشكره ببساطة وتلقائية وبراءة .. كطفل لا يمل الأمل ، ولا يتعب من الطلب، أن تبقى أشياءه الصغرى ملتصقة بضلوعه ،مادام في العمر بقية ، طالت أو قصرت .! مرارا أحاول أن أسترجع أحلام المنام فتستعصي على ذاكرتي .. كأنها بث خاص مشفر ليس له (كود نمبر ) يا صاحبي .! مع ذلك تبقى بعض أشيائنا ماثلة طوال الوقت .. تعاد مرارا و (بالحركة البطيئة) وكأن (بطاريتها) الأسطورية لا تحتاج إلى إعادة الشحن .! ما معنى أن نتعلق بكائن حي نجد فيه الحياة كلها ، ونكون على استعداد لأن نقيم في وجه الدنيا كل حوائط الصد لحماية وجوده ؟ في الحياة تستطيع أن تفعل كل شيء إلا أن تقف على الحياد من ( أنفاسك ) .! حينما نقرر الخروج من هذا الحيز الذي يضيق بإيقاع نبضنا ، علينا أن نقفز (بالزانة) ، من حافة الأرض إلى ما نحب ، بلا مركبة ، وبلا (براشوت) ولا كمامة (أوكسجين ) .! من بوح أمل دنقل : " لماذا إذا ما تهيأتُ للنوم ، يأتي الكمانْ .؟ فأصغي له ، آتيًا من مكان بعيدْ .. فتصمتُ همهمة الريح خلف الشبابيكْ .. نبضُ الوسادة في أذنيّ .. وأرحلُ في مدن لم أزرها ، شوارعها فضّة ، وبناياتها من خيوط الأشعة ْ.. فتأتي التي ، على كتفيها يحُط ّ الحمام .. وفي راحتيها يغُط ّ الحنان " .!