أتمنى أن يكون الرأي المطروح هنا خفيفاً على نفوس رجال المرور ، كما أتمنى أن يشارك بالرأي من عايش هذه المشكلة ، وأتمنى أيضا أن تسير قافلة الزميل والجار على صفحات "الرياض" الأستاذ عبدالله الكعيد نحو مناقشة هذا الموضوع برأي خبير .وبعد أن وضعت قواعد لعبة التمني جانبا أشارككم الرأي وأقول : إن إلقاء القبض على أكثر من مائة شاب ممن تسبب في تعكير صفو الاحتفالات باليوم الوطني يعكس الموقف الحازم الذي تقوم به أجهزة الدولة وبتأييد من أفراد المجتمع تجاه كل من يعكر صفو المجتمع وأمنه ومناسباته وفرحه ولكن هذه القائمة لا تمثل كل من عكر صفو ذلك اليوم . ومفهوم " تعكير الصفو العام " يبدأ من مستصغر الشرر وهو الإزعاج ويتطور إلى الأذى وربما محاولة الشغب كما حدث العام الماضي على الكورنيش في المنطقة الشرقية وما أثارته من ضجة إعلامية . لذلك أقول إن هناك من شارك في تعكير الصفو العام او وضع السلوكيات المهيئة لتعكير الصفو العام ومنهم بعض رجال المرور. فأسلوب تضييق الطريق او إغلاقه لا ينتج عنه سوى عنق زجاجة ، وعنق الزجاجة لا يقود إلا لفوضى مرورية لا تخرج عن قاعدة مرورية هي " بغى يكحلها وعماها ". ولو قمنا بطرح الموضوع للتصويت الصحفي على موقع هذه الصحيفة مثلا عن أداء المرور أثناء المناسبة لوجدنا تعريفات جديدة لمفهوم " تعكير الصفو" من قبل الشباب أو من قبل سكان بعض الأحياء المتضررين من الفكر الإبداعي والمتمثل في إغلاق الشوارع كعادة المرور عند كل مناسبة جماهيرية . فعلى سبيل المثال أغلقت سيارات المرور مداخل شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز في قلب العاصمة الرياض دون أي اعتبار لسكان الأحياء التي لا يمكن لهم الوصول إلى منازلهم إلا من هذه الطرق . وبعد ساعات من الزحام والمحاولات تتفاجأ باستحالة العبور . وعند الوصول إلى تقاطع شارع الأمير سلطان مع العليا العام تتضح صورة " الفوضى الخلاقة" التي أحدثتها سيارات المرور ، أما رجال المرور فوقفوا وسط الطريق يصرخون في الناس صراخ العاجز الذي لم يستطع الخروج من عنق الزجاجة الذي صنع بإرادته . وفي صورة دارت في ذهني تقارن بين هذا المنظر وبين ما اعرفه جيدا عن المرور السعودي الذي حفر اسمه عالميا نتيجة تعامله السنوي مع الحشود والزحام في موسم كل حج . ففي موسم الحج هناك خطط تنفذ بسهوله ولا اعرف لماذا يغرق مرور المدن في شبر ماء من سيارات الشباب عند المناسبات ؟ والذي اعرفه وأنا هنا لست بالخبير المروري أن الكثير من دول العالم لا تلجأ لإغلاق الشوارع إلا كحل أخير وبعد استنفاد حلول تسهيل السير لا عرقلته ، والسبب يعود إلى أن الإغلاق يقود إلى مشاكل أكثر من زحام وحوادث وربما إلى جرائم شجار بين المتصادمين لأن المرور لا وقت لديه وفي هذا الوقت لمثل حوادث السير البسيطة . فإلى متى ستستمر تلك الفوضى الخلاقة التي يمارسها بعض الشباب والمتمثلة في سوء سلوك يتجاوز حدود الاحتفاء بكل مناسبة وطنية كانت أو رياضية ؟ وإلى متى ستستمر تلك الفوضى الخلاقة التي أحدثها المرور من اختناقات في وسط الرياض وربما في غيرها من المدن بسب سوء تخطيط أو تنفيذ ؟ ومن ينظر إلى حال الأسر المتضررة والتي لم تستطع الوصول إلى منازلها إلا في وقت متأخر من الليل بسبب إغلاق المنافذ المؤدية إليها ؟ المعادلة صعبة ولكنها تحتاج إلى وقفة واضحة من الجميع لخلق "عقد اجتماعي " لا يحرمنا من ثقافة الفرح والاحتفاء ولا يولد ثقافة الفوضى الخلاقة التي لا تجيد التعامل مع المناسبات الجماهيرية.