فازت المملكة باللقب العالمي للمرة الثانية في كرة القدم لذوي الاحتياجات الخاصة، في إنجاز يستحق عليه أبطال منتخب كرة القدم لذوي الاحتياجات الخاصة وتحديداً ذوي الإعاقات الذهنية كل التقدير والتهنئة. قيمة الإنجاز هنا ليست رياضية بحتة بل هي رياضية واجتماعية حيث إن الاهتمام بالفئات الخاصة والأقليات في أي مجتمع تعني رقي وانفتاح ذلك المجتمع وانتفاء التمييز ضد فئة صغيرة أو ذات ظروف وطبيعة خاصة. والمملكة ليس بجديد عليها العناية بأصحاب الإعاقات بمختلف فئاتهم وتصنيفاتهم، وعلى مختلف المستويات التعليمية والصحية والاجتماعية والرياضية ... الرئاسة العامة لرعاية الشباب واتحاد ذوي الاحتياجات الخاصة احتفلوا بهذا المنجز، ونحن إذ نهنئهم ونشيد بجهودهم في سبيل تحقيقه نطرح بعض النقاط التي تخص أصحاب الإعاقات بصفة عامة في ملاعبنا ورياضتهم وسبل تطويرها. وبالرغم من اهتمام الرئاسة العامة لرعاية الشباب بأصحاب الإعاقات فلا تزال ملاعبها غير مهيأة لهم، ليس كرياضيين فقط بل كمشاهدين، فما نشاهده بشكل دائم من تواجد أصحاب الكراسي المتحركة بجوار ميادين اللعب وليس في المدرجات يشكل منظراً غير لائق سواء من ناحية التمييز لهم أو من ناحية تعريض سلامتهم للخطر في حال حدوث منازعات وشجارات داخل الملعب أو من ناحية تحويلهم إلى مجال استعطاف من قبل اللاعبين وهم في غنى عن ذلك الاستعطاف. لقد كتبت سابقاً عن ذلك وأكرر بأن الأمر ميسور بتحديد منطقة لهم بمدرجات الملعب فكل ما نحتاجه وجود مدرج واسع (ربما بدمج مدرجين) لهم ليتمكنوا من المرور والمشاهدة وهم على كراسيهم المتحركة. هل رأيتم أصحاب الإعاقات يجلسون بجانب خطوط اللعب في ملاعب كأس العالم، أو في مباريات الدول المتقدمة كروياً كالدول الأوربية، أم أن هذه الظاهرة خاصة بنا؟ يوجد اتحاد متخصص يرعى جميع أنواع الرياضات الخاصة بأصحاب الإعاقات وليس مجرد كرة القدم، وقد صدرت وعود قديمة بإيجاد مقرات رياضية لأصحاب الإعاقات ولم يتحقق الكثير من ذلك، حيث لازال أصحاب الإعاقات يمارسون تدريباتهم ورياضتهم في ملاعب ومقرات لا تخصهم وبالتالي هم ضيوف فيها لا يتحكمون في جداولها كما يشاءون ، ولا هي مهيأة بالكامل لهم ولتنقلاتهم واحتياجاتهم. إضافة إلى ذلك يعتبر الاتحاد السعودي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة مختلفاً عن بقية الاتحادات في إدارته التنفيذية للعبة وليس مجرد الإشراف على فرقها وأنديتها. ولأجل تطوير أداء هذا الاتحاد وألعاب أصحاب الإعاقات بصفة عامة أقترح إعادة تركيبة رياضة أصحاب الإعاقات بحيث تنشأ أندية لرياضة أصحاب الإعاقات بكل منطقة تشبه بقية الأندية ، ذات استقلالية يساهم فيها رجال الأعمال ويكون لها جمعيات عمومية ومقرات وغير ذلك مما هو معمول به في الأندية الأخرى، ومن ثم يصبح دور الاتحاد الإشراف على المنتخبات والمسابقات أسوة بالاتحادات الرياضية الأخرى. لقد رأينا كيف أسهم رجال الأعمال بالمنطقة الشرقية في تكريم أبطال كأس العالم لذوي الاحتياجات الخاصة، خلال وقت قصير من دعوة سمو الأمير محمد بن فهد، أمير المنطقة الشرقية لهم، وأرى بأنه لو وجدت الآلية التنظيمية المناسبة لما تردد أولئك الرجال وغيرهم عن المساهمة في إنشاء ناد لرياضة أصحاب الإعاقات بالمنطقة الشرقية أو غيرها من المناطق. ما نحتاجه هنا هو وعاء تنظيمي قادر على استيعاب المبادرات وما يحتاجه أصحاب الإعاقات من اتحادهم الرياضي هو الفكر التنظيمي الحديث الذي يخلق لهم بيئة مناسبة لممارسة هوايتهم الرياضية والترويحية والاجتماعية والثقافية بيسر وسهولة في كل منطقة من مناطق المملكة. أكرر التهنئة لأبطال منتخب ذوي الاحتياجات الخاصة لكرة القدم..