في العراق ساد مفهوم السنّة، وهذا التخصيص يفتح أبواباً لضم سنّة تركيا وأندونيسيا ونيجيريا، وكل من يتصل بهذا المذهب لأنْ يكونوا عرباً بالانتماء القومي وليس الديني، بحيث يصبح 90٪ من مسلمي العالم الذين يشكّل السنّة هذه النسبة منهم عرباً يحفظون متون اللغة والشعر الجاهلي.. أما الطوائف المسلمة الأخرى من شيعة وإسماعيلية وزيدية وغيرها فكيف نصنفهم، هل هم فرس، أم قوميات تنتسب إلى شعوب وقبائل ، أم أفغان وباكستانيون؟! وفي العراق تحديداً كل هذه الطوائف ولو لم تنتسب إلى العروبة فهي تتعاطى معها بكافة أعمالها وتشريعاتها واحتياجاتها مع الإقرار بأن هناك أكراداً معظمهم يتكلمون ويتعاملون بهذه اللغة مع لغتهم الأصلية.. في العالم يوجد مسيحيون كاثوليك وبروتستانت وأرثوذوكس وغيرهم فهل يصنفون وفق اللغة التي كُتبت بها الأناجيل بحيث ينسبون إلى فلسطين ، ونسيان قوميات وتراث هذه الأمم ولغاتها؟ كذلك الأمر بالنسبة للهندوسية والبوذية، ومن ينتمي لهما هل يجب أن يكتسب هويته من منبتهما الأصلي وينسخ ما قبلهما وما بعدهما، وتوضع هذه الأمم كأمم للأناجيل وغيرها من تعاليم وطقوس أخرى، ويفاضل بين قومية وأخرى؟ اليهود تجمعوا في فلسطين، وحاولوا إضفاء قومية خاصة بهم والهدف ديني وسياسي، في الوقت الذي يعلم الحاخامات ومن دونهم أن هناك عدة أُرومات وقوميات دخلت اليهودية كدين وليس كقومية، وكان هذا الشعار هو الذي جذبهم لاغتصاب فلسطين.. فارق بين الدين والمذهب، وبين الهوية القومية والعرقية بتحديد أكثر، فالعرب يعدون أقلية أمام مسلمي العالم رغم نشأة الإسلام في أرضهم وهو ما تؤكده الإحصاءات حين وصل تعداد مسلمي الهند وحدها مائتيْ مليون، ولو أضفنا بقية مسلمي القارات الأخرى فإن العرب لا يشكلون إلا النسبة القليلة، ولا أحد يطالبهم بعروبة مذهبية.. نعم كل مساجد العالم تؤذن وتقيم الصلاة وتقرأ القرآن باللغة العربية لكن خارج أداء هذا الواجب فكلّ يذهب إلى أصوله وفروعه، ولم يأت الإسلام ليكون رسالة لشريحة صغيرة في المجتمع البشري، وهو الذي جاء لكل الأجناس، ولم يحاول أن يجعلهم عرباً بل مسلمين.. نموذج العراق ابتكار طائفي، وإلا كيف نفسر أن الإخوة الشيعة، وفي كل مكان من العالم لا يصل أحد مشايخهم وأئمتهم إلا بعد إتقان اللغة العربية كتابة ونطقاً، وإجراء كافة الدراسات والطروحات بلغة القرآن الكريم، ثم نقبل بسنّة عراقية عربية، وغيرها لا يفهم لأي أرومة أو قومية تنتسب بينما العرب الشيعة هم الأكثرية العليا؟ حينما يسيَّس الدين فقابليات التقسيم تأخذ اتجاهها، ومعها الخلافات، ثم الحروب ، والعراق نموذج في قابلية انتشار المذاهب بطابع عربي وغير عربي، وهي ليست أزمة المذهب والدين، بل في من يفسرونهما من خلال سيادة طرف على آخر، وهو ما يناقض أصلاً عقيدة الإسلام الجامعة، لا المفرقة، أو المتمذهبة..