محمد بن فليان السبيعي شاعر مُرهف وحزين يُحاول في معظم قصائده الهرب بلغته من اللغة التقليدية، ويسعى لإبداع شعري ينتمي له ويُعبر عن أحاسيسه الذاتية، ودائماً ما تتردد أصداء الحزن في قصائده التي تتمحور غالباً حول (الحزن) و(الحب) رغم أن الحزن هو الطاغي دوماً، ومن أجمل قصائده وأصدقها في الحزن قصيدة (قلبي وحيد)، والتي ينبع الحزن فيها من إحساسه العميق بالغربة والاختناق في وسط إسمنتي يفتقد للحميمية والدفء: جادك الحزن يا خدي بدمعٍ جديد ليلة العيد جاد ..وفأول العيد جاد أحسب إني سعيدٍ وإثر ماني سعيد وأحسب إن لي بلادٍ وإثر مالي بلاد بين فرحٍ فقيد وبين حزنٍ وليد آتشتت بعادٍ .. وآتجمّع بعاد والفراق أيضاً هو أحد مصادر وجع الشاعر وحزنه في هذه الحياة، يقول في بعض أبيات قصيدة (راحت): إثر المواجع يا حمد مثل الأيام تحسب ضمن عمر المحب وسنينه لا هيب لا تشرى ولا هيب تنسام لو يدفع الرجال ما في يدينه واللي خذت قلبي هديه من العام جتني تردّه قلت عندك رهينه ويتغنى الشاعر في رائعته (أقسى الجروح) بالمزايا والقيم النبيلة التي تدعوه للتمسك بمن يُحب، ولسان حاله يُردد (يا ليتني لا بغيت أكره قدرت أكره): قالوا تخلا صاحبك في غيابه خلّه وتلقى فالعذارى مثيله وإنسه وإذا عوّد عليك اجتنابه إكرهه وتلقى من تحبه بديله كلامهم ما هو غريب الغرابه إني عجزت ألقى لكرهك وسيله وبعيداً عن الحزن نجد في تجربة محمد السبيعي العديد من القصائد الغزلية التي تتميز بقربها من القلب لسببين رئيسيين: عذوبة وشفافية لغتها، وحرصه على استخدام ضمير الخطاب المُباشر فيها؛ يقول في قصيدة (موعد مع النبض) التي تُصور بشكل بديع احتفاء نبضات قلبه بالمحبوبة: على حسب توقيت قلبٍ تمنّاك جيتي تشيلين الهنا بين أياديك أهلاً بتشريفك وسهلاً بلقياك القلب قلبك والأراضي أراضيك ونبضات قلبي من فرحها برؤياك تزاحمت عندك وصفّت حواليك ويقول في قصيدة (لا يغيب اتصالك) بذات اللغة الرقيقة والعذبة: أقدر جهودك في حبي وأقدرك وأسكّنك بين الحنايا لحالك ومني جزيل الشكر والقلب يشكرك على سموّك يالغضي واكتمالك سبحان من كمّل وصوفك وصورك وخلاّ مجالي يندمج في مجالك إضافة لهذه الإبداعات يُدرك المُطلع على قصائد المبدع محمد فليان السبيعي الأخرى ك(نجل الحنين) و (رجعت للبيت) و(عظيم شعور) وغيرها، يُدرك بأن الشاعر في حالة سعى حثيث وجاد نحو الكمال الشعري ونحو تقديم شعر جميل يليق بأذواق المتلقين.