مجموعة من القضاة أشادوا موقعا على النت بعنوان قاضي نت. قرأت كثيرا عن هذا الموقع. حتى رئيس تحرير هذه الجريدة الاستاذ تركي السديري عالج القضية. أثار الموضوع فضولي. كما يجب أن أفعل ذهبت إلى قوقل لأخذي إلى الموقع. فوجئت بلوحة لا يوجد عليها سوى خانتان واحدة لكلمة السر والأخرى لاسم المستخدم. اتصلت بالأستاذ تركي وطلبت منه كلمة السر واسم المستخدم. عرفت منه أن الموقع مغلق على أصحابه. عدد من المتكتمين يعملون في السلك القضائي.. اتصلت بعدد من معارفي. زودني أحد الأصدقاء بكلمة السر. دخلت, تجولت فيه قرأت بعض محتوياته. تركته وبعد ساعة عدت إليه مرة أخرى. لاحظت أن كلمة السر التي استخدمتها تم إبطالها. هناك شيء يستوجب القلق. موقع كهذا يفترض أن تكون العضوية فيه مفتوحة بشروط معلنة على بوابة الدخول. موقع مهني أو هكذا يفترض أن يكون. لكن إذا عدت إلى محتوياته ستكتشف أن المسألة أبعد من المهنية. من الواضح أن الانضمام إلى هذه المجموعة يسير وفقاً لسياسية داخلية سرية لا يعرفها سوى أعضاء المجموعة والقائمين عليها. هناك مجاميع على النت تتسم بالانغلاق على أصحابها. أحيانا تكون عائلية أو تتكون من عدد من الأفراد كأصدقاء أو مجموعة دراسة. من الطبيعي أن يكون مثل هذا الموقع مغلق. لا يحق لأحد الدخول عليه لأنه ببساطة لا يعني سوى أصحابه. لكن ما الذي ترومه مجموعة محددة من أصحاب حرفة واحدة خطيرة وتهم الأمة كلها من تشييد موقع الكتروني سري, تطرح فيه قضايا سياسية وفكرية لا علاقة لها بالقضاء أو مهنته. يفسر هذا الموقع كثيرا من المواقف الغامضة التي يتخذها بعض القضاة تجاه قضايا محل جدل وتجاذب. كما يفسر تورط بعض القضاة في التوقيع على بيانات نصره لتيار ثقافي على تيار ثقافي آخر. الأجدر بهم كقضاة أن يبقوا بعيدين عنها بوصفهم قضاة قد ينتهي أمر التجادل باللجوء إليهم والتقاضي أمامهم. الموقع يشي بأن هناك تطوراً من العمل الفردي إلى العمل الجماعي. ومن العمل المعلن إلى العمل السري. في كل مكان في العالم يسعى القضاة إلى حماية مهنتهم ودفعها بعيدا عن التسييس والتجاذبات والدخول في حمى الانحيازات. الذي يقرأ بعض محتويات قاضي نت سيرى أن المجتمع أمام منظمة لها أهدافها الخاصة وليس مجموعة من المهنيين يتبادلون المعرفة والخبرة. ذكرني هذا الموقع بكثير من المنظمات الدينية السرية وطريقة نشوئها. خطورة مثل هذه المنظمة في المملكة أنها تبدأ من قضاة. تستفيد من المكانة المرموقة التي يحتلها سلك القضاء في ضمير المجتمع. مثل هذا الموقع يطرح سؤالين الأول موجه إلى مجلس القضاء الأعلى وموقفه من هذه المنظمة وما مبرر صمته والثاني أمام هيئة الاتصالات المسؤولة عما يطرح على النت في كل ما يمس أمن المملكة الفكري والأخلاقي. لماذا يصمت مجلس القضاء الأعلى ولماذا تتجاهل هيئة الاتصالات ما يطرح في هذا الموقع. الحقيقة يجب أن تطرح للرأي العام فالأمر تجاوز الموقف الانفعالي الفردي إلى العمل السري الجماعي المنظم.