أدت حركة البناء والتشييد التي أفرزتها الطفرة التي تعيشها المملكة منذ العام 2005م إلى حالة من الارتباك في الشوارع والميادين العامة ، جراء ما يقوم به المقاولون من أعمال حفر وصيانة للعديد من المرافق في مدن المملكة المختلفة ..ورغم أن صورة العمال والرافعات والآليات ليست غريبة على شوارع تلك المدن ، إلا أن لحضورها في هذه المرحلة سمة مختلفة..فلم يعد المقاول اليوم حريصاً على أن يترك الشارع الذي شهد الصيانة نظيفاً وآمناً كما كان من قبل ، ولم تعد الاحترازات واستخدام وسائل السلامة مهمة لدى المقاول اليوم كما كانت بالأمس..ويعزو المراقبون ذلك إلى غياب المحاسبة والعقاب من قبل الجهات الرسمية للمقاولين المفرطين في وسائل السلامة ..فقد كشف تقرير صدر مؤخراً عن هيئة الرقابة والتحقيق تراخي الجهات الحكومية المسؤولة عن معاقبة المقاولين المقصرين. ورصد معدو التقرير أكثر من 6 ملاحظات تتعلق بذلك أهمها تأخر عدد من الجهات الحكومية في اتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه المقاولين المقصرين في تنفيذ المشروعات الحكومية..كما تضمنت الملاحظات تأخر المقاولين في تنفيذ المشروعات وتسليمها في مواعيدها المقررة.وليس صعباً على زائر مدينة كالرياض اليوم أن يرى تلك الفوضى ظاهرة للعيان..فالحفريات المشقوقة على أرصفة الشوارع لا يفصلها عن السيارات حاجز خرساني كما كان من قبل ، مما أدى إلى سقوط سيارات في تلك الحفر تعرضت لتلفيات كبيرة ، كما تسببت تلك الحفريات في إصابات بشرية بليغة وصل بعضها إلى حد الوفاة.ويتخوف المواطنون من استمرار حوادث السقوط في الحفر في ظل عدم التدخل من الجهات المعنية لمحاسبة المقاولين المهملين في هذا الجانب ، خصوصاً وأن حراك المقاولين سيستمر بشكل أكبر إذا ما نظرنا إلى حجم المشاريع المعتمدة في قطاع المياه وحدها خلال ميزانية هذا العام 1430/1431ه والتي تجاوزت 20 مليار ريال..وتتبع أغلب الحفريات العميقة والخطرة لمشاريع المياه.ومن المتوقع أن يصل حجم الاستثمارات في قطاع المقاولات بشكل عام خلال السنوات الخمس المقبلة نحو 300 مليار دولار ، مما يستوجب تفعيل الأنظمة بشكل يكفل سلامة الناس في الشارع العام.