ابتُلينا كل سنة بما ينغص علينا شهر رمضان .. وصار البلاء من صنع أنفسنا .. يحاصرنا البلاء ولا ننفك عنه .. تخيلوا أن التلفزيونات العربية تزخر بأكثر من مئة وخمسين مسلسلا تلفزيونيا أعدت خصيصا لشهر رمضان .. وجميعها إلا ما ندر مملة ومكررة وبلا فكرة أو هدف أو مضمون .. إضافة إلا ما تحتويه من مشاهد لا تليق وهذا الشهر الفضيل. لقد تحول شهر رمضان لدى البعض إلا حالة من التنافس في إفساد الذوق العام والأخلاق .. والتفنن في إفساد صيامنا وشغل الأوقات بما يضر ولا ينفع .. وصارت القنوات الفضائية وللأسف الشديد تتنافس على اقتناء مثل هذه الأعمال الهابطة مما شجع المنتجين والممثلين على الزيادة في غثهم الذي يفرضونه علينا في كل محطة وعبر كل نافذة .. والملاحظ هذا العام أن أغلب الأعمال الدرامية التلفزيونية لم تحقق نجاحا لدى الجمهور وبالأخص تلك التي سعت الى مخاطبة الغرائز قبل العقول .. وكان واضحا أن رسالتها الأساسية خدش الحياء وإفساد الصيام. لقد أصبحت زيادة الحطات الفضائية وتنوعها وبالا علينا نحن جمهور المشاهدين بما تزخر به من آفات وعلل ومنغصات يجب أن يراعي القائمون عليها حرمة هذا الشهر الفضيل وقدسيته وخصوصيته التي يجب أن نشغل فيها أوقاتنا بما يفيد وينفع وبما يصفي النفوس ويطهر القلوب ويملأ الأرواح بهجة روحانية واستقرارا وجدانيا لا يخدش بما تتعرض له أسماعنا وأعيننا مما لا يليق ولا ينفع. لست ضد أن تكون هناك أعمال درامية عبر المحطات التلفزيونية .. وهناك أعمال تستحق الاحترام والاشادة .. تترك بصمات في النفوس .. وتحتوي على معلومات وعبر نحترمها ولا نعترض عليها .. كما أن هناك بعض الأعمال الكوميدية التي تضفي نكهة خاصة لشهر رمضان وتحتوي على مواقف ساخرة ونقد للمجتمع بأشكاله لا خلاف لدينا معها .. لكن الاعتراض على ما يقدم من إسفاف واستخفاف في شهر ينبغي أن يكون له إجلاله واحترامه وخصوصيته. إن الإعلام في مجمله رسالة مقدسة ينبغي أن يتم التعامل معها على أساس أنها وسيلة محترمة للمعلومات والثقافة والفكر والتنوير .. ولا يجب أن يستغل الإعلام ووسائله استغلالا بشعا خارجا عن الذوق والاحترام والدين والأخلاق والأعراف .. كان الله في عون المشاهدين على ما يشاهدون وما يسمعون .. وهدى الله المنتجين والمخرجين لمراعاة صيامنا وقدسية هذا الشهر الكريم .. ودمتم سالمين.