غازي القصيبي رحمه الله وسلمان العودة حفظه الله من فرسان هذا الزمان. كانت بينهما في السابق ردود حامية، وكان المحيطون بكليهما سعيدين بهذا الخلاف يتمنون لو زادت ناره أوارا. ولكن حكمة الفارسين تأبى إلا أن تتفوق على الخلاف. وما أن التقى الاثنان حتى اكتشف سلمان أن غازي غير غازيه، بمثل ما اكتشف غازي أن سلمان غير سلمانه. وبرغم أن هناك نقاطاً يختلفان عليها - ربما بمثل ما نختلف مع أي منهما- إلا أن العلاقة بينهما منذ ذلك الوقت كان يغلفها الحب والاحترام ولهذا توجه غازي إلى سلمان مؤخرا بقصيدة وعارضها سلمان بمثلها. أترككم مع القصيدتين: لا تسأل الركبَ بعد الفجر هل آبُوا الرَّكبُ عاد وما في الرَّكبِ أصحابُ تفرَّقوا في دروب الأرض وانْتَثَرُوا كأنَّه لم يَكُنْ عَهْدٌ وأحبابُ ما في العَناقيد من أشعارهم حَببٌ والخمر من بعدهم في دنّها صابُ يا طارق الباب رفقًا حين تَلْمَسه لو كان في الدار خِلٌّ صفَّقَ الباب بعضُ الدروب إلى الأوطان راجعةٌ وبعضُها في فضاء الله يَنْسَابُ رد عليها سلمان بقصيدة :الكرْم أنت ضِيَاءُ عَيْنَيْكَ عبر الحرف ينسابُ تَئِنُّ من حُزْنه المكظوم أهدابُ الكَرْمُ أنت؛ فهل في الكأس من عَلَلٍ يُسْقَى به في هَزِيعِ الليل غُيَّابُ هل سال بعدكمُ الوادي، وهل سجعتْ على الحِمَى من حَمَامِ الأَيْكِ أسْرابُ؟ ساعاتُ صفوٍ أَلَمَّتْ، والهَوَى قَدَرٌ كأنها من عَبِيرِ الوَصْلِ تَسْكَابُ طابتْ لياليكَ، والرحمنُ يُنْعِشُها وجادَ بالرَّوح والتَّحْنَانِ وهَّابُ كتب د. سلمان العودة ناعياً د. غازي القصيبي: "أسأل الله عز وجل أنّ يتغمده برحمته، ذلك الرجل الموسوعي الذي جمع بين الثقافة والأدب والرواية واللغة، وجمع بين المعرفة الشرعية والمتابعة الدقيقة والاطلاع على كثير من القضايا، وجمع بين العمل الوظيفي والعمل الإداري وتنقله في العديد من المناصب، وهو نموذج يُحتذى"