أكد مؤرخون ومختصون في التاريخ بمحافظة القطيف على أن المشروع المنفذ من قبل "الهيئة العليا للسياحة" في حي الديرة القديم التابع لجزيرة تاروت، والذي سينتهي العمل منه نهاية شهر رمصان المبارك سيجعل أهل المنطقة يفخرون بالسياحة في الزيرة التي يأتي لها السياح الغربيون على مدى العام، بيد أنها تفتقر للمشاريع السياحية الجاذبة للسياح. وقال المؤرخ الكاتب علي الدرورة: "إن إنشاء سوق حرفية للصناعات والحرف التقليدية في سوق تاروت من قبل إدارة السياحة والآثار يعد بادرة طيبة"، مضيفاً "أنه جهد كبير ومقدر لجهاز الهيئة"، مشيراً للجهود التي يبذلها نائب رئيس الهيئة الدكتور على الغبان الذي وقع في وقت سابق الاتفاقية الخاصة بالمشروع الجاري تنفيذه حالياً. وأضاف الدرورة قائلاً "إن أهمية السوق الواقع قرب القلعة التاريخية تكمن في إحياء أمجاد هذا السوق القديم الذي مضى عليه أكثر من 20600 سنة وما زال باقي في مكانه، إذ لم يتأثر من التوسعات العمرانية التي حدثت في عصور مختلفة". وتابع بقوله : "إن السوق الشعبي سيعطي بعداً تاريخياً وانتعاشاً اقتصادياً للحرف التقليدية من جهة، وأحياء ما اندثر منها من جهة أخرى"، مشيراً إلى أن الأهم من ذلك يكمن "في إعادة إحياء المسميات التقليدية المندثرة". وأضاف قائلاً : "إن أبناء الجيل المعاصر لمن هم دون سن ال30 عاما لا يعرفون الكثير عن المسميات التقليدية للحرف والصناعات، كما لا يعرفون الاستعلامات والأساليب المتبعة في ذلك وبالطريقة التي كان الأجداد يمارسونها كأرث حضاري عن أجدادهم". والدرورة الذي يحرص على زيارة موقع العمل، قال: "إني سعيد بالمشروع، وأدعو الله للمسؤولين بالتوفيق والنجاح وأن تكلل أعمالهم ومساعيهم إلى كل ماهو خير في صالح الوطن والمواطن"، مضيفاً "هناك 37 مهنة تقليدية منقرضة بعضها (دائم) وبعضها (جائل) وبعضها (موسمي)، فهذه الأنواع الثلاثة لا تنطبق كلها على السوق، ويكفي أن يكون السوق نصفها أو ثلثها لتعطي ملامح الموروث الشعبي للإنسان في المنطقة وتسلط الضوء على موروث أسلافه البحري والزراعي". من جانبه قال الشاب عبدالمطلب المزين، وهو مدرس لمادة التاريخ: "إن إعادة إنشاء سوق اندثر منذ عقود عدة لهو أمر يبعث على الطمأنينة لدينا نحن المتخصصين في التاريخ، فحين نعلم طلابنا بعلم ليس له امتداد في حضارتهم وتاريخهم لا يجد ذلك نفعاً من الناحية التربوية"، مستدركاً "أن مثل هذه المشروعات التي تعزز البناء التاريخي للوطن مهمة ونستطيع من خلالها نقل صورة تاريخية عن بلادنا في شكل واضح أكثر نفعاً من المعلومات التاريخة التي لا توجد إلا في الكتب التراثية". ورأى المزين بأن أعمال المشروع وطريقة تنفيذه تعتبران فذة، فمن ناحية فكرة إنشائه يعتبر المشروع أحد أهم عوامل الجذب السياحي، كما أنه سيضع الجزيرة في مصاف المناطق السياحية الجميلة في المملكة، وسينقلها من وضع متأخر سياحيا رغم كل ما تحويه من تاريخ إلى منطقة أكثر ازدهاراً".