يقول الله عز وجل: (واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون) النحل 114، إن الاشتغال بشكر المنعم أمر واجب، والتحدث بنعمة الله شكر، ومن شكر الله شكر من أسدى إليك معروفاً من خلقه، قال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير) لقمان 14، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) رواه أحمد. فأحق بالشكر بعد الله هما الوالدان، قال القرطبي - رحمه الله - في تفسيره قال العلماء: فأحق الناس بعد الخالق المنان بالشكر والاحسان والتزام البر والطاعة له والإذعان من قرن الله الاحسان إليه بعبادته وطاعته وشكره بشكره هما الوالدان، قال الله تعالى: (أن اشكر لي ولوالديك)، فما أجمل ان يجعل شكر الوالدين قرين شكر الله. فوالدنا - رحمه الله - هو الأصل ونحن فرعه، قد أمضى حياته وشبابه وأفنى عمره بكد واجتهاد لتربيتنا وتعليمنا للحفاظ على أسرته، وتأمين الحياة الهانئة لأولاده، فتعب وخاطر واقتحم المشقات والصعاب في هذا السبيل، احتساباً واخلاصاً، فأقول له بكل صدق وامتنان «شكراً شكراً يا أبتاه». ربيتنا يا أبتاه على الإسلام، وعلى حب الأقارب والأرحام، فأنت قدوتنا في السر وعند الأنام، علمتنا حفظ القرآن، وعلى فعل الخير والاحسان، وعلى اختيار الصالح من الأقران، أوصيتنا بالحفاظ على الصلوات، والتكاتف فيما بين الاخوة والاخوات. رباه هذا أبي قد أتاه أجله، وقد أدى فينا بكل صدق واخلاص أمانته، وقد تركنا أغنياء في كل شيء بعده، فأعنا يا رب لبره بعد فقده، وجازه يا رب عنا خير الجزاء. «شكراً شكراً شكراً يا أبتاه» يقول الله عز وجل: (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) النمل 19.