اطلعت على المقال المنشور في جريدة الرياض العدد رقم ( 15393 ) وتاريخ 6/9/1431ه بعنوان (أبالسة الانترنت) لكاتبه الدكتور/ حمزة الطيار الأستاذ المشارك بجامعة الإمام، وقد صدر الدكتور مقاله بمقدمة طويلة حكى فيها مأساة ما يحصل في شبكات الانترنت من تعد على النفوس، واعتداء على الأعراض، بأسلوب ساخر، ومنهج سافر، تحت أسماء مستعارة يهدف أصحابها للنيل من أشخاص لهم مكانتهم الاجتماعية، أو مؤسسات تمثل الدولة ولها حق الاحترام على الجميع، ودعا الدكتور إلى كفاح هؤلاء المتخفين، ممن سماهم بالأبالسة، وأكد أن مجاهدة أولئك تأديبٌ حكيمٌ لهم، وفلّ لأسلحتهم التي لا تحسن العمل إلا في ميدان التخفي والتستر، إذ ليس أرضى لنفوس الشياطين، ولا أهنأ لقلوب الأبالسة من أن يجدوا ميداناً مظلماً، وليلاً بهيماً، وما دام الأمر كذلك فهي فرصتهم التي تظهر فيها ملكاتهم الشيطانية، ومؤهلاتهم الإبليسية، وتشحذ به أسلحتهم في هذا الميدان الذي يصولون فيه ويجولون... إلخ ومع تأكيدي على ما ورد في مقدمة الدكتور وحكايتها للواقع الذي نعانيه من شبكة الانترنت، وما يحصل فيها من إساءات تجاوزت حد إبداء الرأي، والمناقشة المتعقلة لأي أمر قابل للنقاش، إلى حد مصادرة الأفكار والنيل من الأشخاص والقدح فيهم وفي ذممهم، بل وفي أعراضهم،، أقول: مع تأكيدي على تلك المقدمة إلا أن النتيجة التي أراد الدكتور الوصول إليها لا يمكن أن تبنى بشكل سليم على تلك المقدمة الصارمة!!.. حيث عمد الدكتور وفقه الله إلى التمثيل على تلك المقدمة التي شنها على (أبالسة الإنترنت) بمثال أقل ما يقال فيه إنه نابع عن موقف شخصي من الموقع الذي اختاره وهو موقع قاضي نت، بسبب ما تناوله كتاب الموقع من انتقاد لمقال الدكتور (تجاوزات القضاة) المنشور في جريدة الرياض عدد رقم (15351)و تاريخ 23 / 7/ 1431ه! كما أود التأكيد أنه علاقتي بموقع قاضي نت لا تعدو علاقة قارئ ومتصفح لما يكتب فيه فقط، ولست كاتبا فيه، ولا في غيره، وهذا الموقع، للمعلومية، هو أحد ثلاثة مواقع الكترونية تختص بالقضاة السعوديين، ونحن نرتاد المواقع الثلاثة بشكل شبه يومي ولا نستغني عن الإفادة منها، فأحدها هو موقع قاضي نت، والثاني هو موقع شبكة القضاة الإلكترونية، والثالث هو موقع مركز الدراسات القضائية التخصصي، وهذه المواقع الثلاثة مواقع يشرف عليها قضاة أفاضل، بذلوا من وقتهم وجهدهم ومالهم الشيء الكثير، ليخرجوا للقضاة مثل هذه المواقع التي كانوا في أشد الحاجة لها، وباستثناء موقع مركز الدراسات القضائية التخصصي؛ فإن الدخول إلى الموقعين الأولين يقتصر على قضاة المحاكم وحدهم ولا يسمح لغيرهم بالدخول و لا تصفح المحتويات، اللهم إلا الأخبار و المقالات التي تتيحها شبكة القضاة للجميع للاطلاع عليها. و من هنا فإنه من المستغرب أولا: أن يخص الدكتور هذا الموقع بالتمثيل على تهم الإجرام و الخيانة و التخفي و محاربة توجه الدولة و وصف كتابه بأبالسة الانترنت، و كل ما يحصل في هذه المنتديات هو النقاش الداخلي المحصور بين القضاة دون غيرهم، و لا شك أن الدكتور يدرك أن القضاة على مستوى رفيع من العقل و الاتزان، و أن ما يحصل في منتدياتهم لا يخرج لغيرهم، و من هنا يأتي محل الاستغراب الثاني و هو: أن الدكتور دخل إلى الموقع و نقل منه ما نقل في مقاله، و في هذا تعدِ على سياسة الموقع التي لا تسمح لغير القضاة بارتياده، فهل استطاع الدكتور الولوج إلى الموقع ( بطريقته الخاصة) و هذا في مخالفة لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الذي نص على تجريم الدخول إلى المواقع المتخصصة بدون إذن و صنف لذلك عقوبات!!، أم أنه استعار المعرف من احد القضاة، و هنا كان بإمكانه الرد في نفس الموقع على ما كتب في الموقع بشأنه مقاله (تجاوزات القضاة) الذي نشر في جريدة الرياض في وقت سابق !! أترك الجواب هنا للدكتور لاختيار الإجابة الصحيحة!! و من باب إعطاء فكرة للقراء عن منتديات القضاة، وبالذات منتدى قاضي نت، ومنتدى شبكة القضاة، فإن غاية ما يحصل فيها هو النقاش بين القضاة في أمور عامة وخاصة، و ليس بحجم وبشاعة ما صوره الدكتور من أنهم (لا يتعدون على الأعراض فحسب، بل طال شرّهم، وامتد عداؤهم لكيان الدولة، ناهيك عن رجالها ومسؤوليها، وعلمائها وفضلائها) فلم نر أي اعتداء، ولو رأيناه لما سكتنا، وغاية الأمر عرض للآراء بكل ود واحترام، وكثيرا ما ينتهي النقاش إلى نتيجة مرضية للجميع، فلماذا التصوير البشع لما يكتب في منتديات أصحابها معروفون بأشخاصهم، وكتابها معروفون بأشخاصهم، فرداً فرداً، ولا يستطيع أي منهم التخفي، ولو تخفى وراء اسم مستعار، فإن شخصه معروف! ولأننا في عصر ثورة معلوماتية، وتقارب لأطراف العالم بشكل مرعب، ونحتاج إلى التقنية بكل أشكالها وصورها، فإن الدكتور يطالب بإغلاق المنتديات المتخصصة التي يكتب فيها المتخصصون المعروفون ذاتاً وصفة للجهات المختصة في الدولة!! لقد كان المؤمل من الكاتب وفقه الله أن يضبط شعوره أولا، ويتقبل النقد بروح طيبة، ثم يطالب كما نطالب نحن دائماً إلى (ضبط) ما يكتب، و(تنظيم) المنتديات بضوابط تنطلق من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، بوضع لائحة تنظم طريقة عمل المنتديات الحوارية في شبكة الانترنت. لن أتعرض إلى ما كتب في بقية المقال، لأنه يخص أصحاب الموقع، ولهم حق الرد، لكني رددت على ما استثارني كقاض سعودي وجد في تلك المواقع ما يختصر وقته وجهده ويوفر عليه عناء البحث عن كتاب، أو معلومة، أو نقطة من نظام، فلماذا يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله؟! * القاضي في المحكمة العامة في جدة