بعد مقالي السابق بعنوان (أبالسة الإنترنت) نشأت ردود أفعال وأقوال دونت في موقع (قاضي نت) وسطَّر بعضها القاضي حمد الرزين بجريدة الرياض عدد (15396) ولي مع ذلك وقفات: الوقفة الأولى: جميلٌ أن يتشجَّع الإنسان فيكتب باسمه الحقيقي، في زمن عجز فيه البعض أن يقولوا رأيهم، ويفصحوا عن شخصهم. الوقفة الثانية: أن القاضي حمد الرزين يؤكد بأن موقع (قاضي نت) مختصٌ بالقضاة السعوديين، وأنه تحت إشراف قضاة أفاضل، وأن ما يدور فيه نقاشٌ داخليٌ محصورٌ بين القضاة دون غيرهم، ولازم قوله أن مرتكب تلك الأخطاء والتجاوزات في موقع (قاضي نت) هم من القضاة وهذه محاولة منه لإلصاق تلك الأخطاء المذكورة في مقالي السابق بالقضاة، وجعلهم محلَّ النزاع، وهذه الأخطاء والتجاوزات لا يمكن حصولها ووقوعها من رجالٍ يحكمون بالحق، ويقيمون منار العدل، ويتحلَّون بالديانة، ويتصفون بالخلق والأمانة، نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحداً، بل أنزه مثلهم عن مثل ذلك (وإن كانوا غير معصومين)، لكن لا يُعقل أن يسمِّي أحدهم هيئة كبار العلماء ب: (هيئة كبار المشاغبين)، أو أن يقترح بإهداء عالمٍ جليل، ومسؤولٍ كبير، كرتوناً من القطط، أو أن يعتقد بأنه لا يصح إطلاق القول بتطبيق الشريعة عندنا، وأن القضاء الذي يمارسه ويقوم به لا يمكن أن يُسمَّى قضاءً شرعياً، ناهيك أن يصدر عنهم (أعني القضاة) الاستهزاء والسخرية بكبار مسؤولي القضاء من علماء البلاد ورجالاته ووصفهم بالمتهالكين، وتضييع الأمانة، ووصف العلماء والفضلاء بالنفاق والكذب والغطرسة، وهلمَّ جرّا من الألفاظ المحزنة، والكلمات المؤسفة، ثمَّ يأتي أخونا القاضي حمد الرزين فيقول بكل جرأةٍ (هم قضاة)، بل الذي أكاد أجزم به ( إذا كان بالفعل أن الموقع المذكور خاصٌ بالقضاة ) أن هناك دخلاء من غيرهم يريدون تحقيق مآربهم،حتى ولو كان على حساب القضاة،وهذا غير مستبعد مادام أن الكتابة في ذلك الموقع في الغالب الأعم تتم من خلال أسماء مستعارة،والعجيب الغريب نرى القاضي الرزين يخرج نفسه من الكتابة في هذا الموقع ويبرئ نفسه بقوله: (كما أود التأكيد أنه علاقتي بموقع قاضي نت لا تعدو علاقة قارئ ومتصفح لما يكتب فيه فقط، ولست كاتباً فيه، ولا في غيره)، فهو وإن كان له الحق أن يخبر عن نفسه ويدافع عنها بالحق، فليس له الحق أن يتهم غيره من القضاة، بإقحامهم في هذا المنتدى، ويجزم أن كلَّ من يكتب هناك هم من القضاة، هذا غير مقبول. الوقفة الثالثة: أن بعض العبارات السيئة، والكلمات النابية، المثبتة في موقع (قاضي نت) تمَّ حذفها بعد مقالي السابق، وهذا الحذف بكل حالٍ رجوعٌ للحق، سواءً كان على حقيقته، أوخوفٌ وتقيّّةٌ. الوقفة الرابعة: الإفلاس الحقيقي الذي انطوى عليه هؤلاء، والحري بهم، أن يناقشوا الفكرة، ويحاججوا المضمون، لا أن يسلكوا حيلة العاجز فيتطاولوا على شخص الكاتب في منتداهم، ويتهموه بأنه مطيَّة للصحفيين الذين يلوحون بأنهم علمانيون تغريبيون، مُشبهون للمنافقين نفاقاً اعتقادياً، حتى غدا التكفير وكأنه شربة ماء. الوقفة الخامسة: يتساءل بعضهم في (قاضي نت) وينقل القاضي حمد الرزين سؤالهم: كيف تمَّ ولوجي للموقع مع خصوصيته بالقضاة؟ هل بطريقتي الخاصة؟ أم أستعرت من أحد القضاة معرفه ؟ فأقول: لا يلزم هذا ولا ذاك، بل قد يتأتي ذلك بغير الولوج أصلاً، فقد يكون أحدهم حصر لي الملحوظات وطبعها أو وضعها ب:(فلاش ميموري) وأرسله لي، لا تستبعد ولا تستغرب فكل شيء وارد، وبالتالي هذا التهديد تقشَّع وتبخَّر، بل هو الأليق بمن تطاول وتجاوز الحدَّ. والأولى بالشيخ حمد الرزين على أقل تقديرٍ خاصةً أنه ( قاضٍ ) يعرف طبيعة التعامل مع القضايا والدعاوى أن يُعامل كلامي عن موقع ( قاضي نت ) معاملة الدعوى التي تفتقر إلى بينةٍ ودليلٍ وإثباتٍ، فيقول لي هات دليلك على هذه التجاوزات وتلك الأخطاء التي ذكرتها،لا أن يُعرض صفحاً عن جوهر الموضوع وأساسه ويسأل سؤالاً جانبياً كيف ولجت للموقع ؟ وهذا قد يكون إقراراً ضمنياً،وتأييداً خفياً، لما ذكرته من تلك الأخطاء والتجاوزات،شعر أو لم يشعر،وكأنَّ المشكلة لديه ليست بثبوت تلك الأخطاء والتجاوزات،وإنما المشكلة كيف اطلعت عليها ؟ الوقفة السادسة : انظروا للقاضي حمد الرزين وبعض أعضاء ( قاضي نت )، كيف يَحرفون الموضوع عن أصله وجوهره، ويسلكون به بنيات الطريق، فالذي اطلع على أخطاء ( قاضي نت ) هو مخطئٌ تجب عقوبته،أمَّا من قام بهذه التجاوزات،وارتكب تلك الأخطاء،ففعله هيِّنٌ عند ذلك الفعل، وخطؤه سهلٌ عند ذلك الخطأ ، مالكم كيف تحكمون . الوقفة السابعة : التلويح من بعض أعضاء ( قاضي نت ) بضرورة تقديمي للجهات المختصة،لأنني خالفت الأنظمة في نظرهم،ويُلوح القاضي ( الرزين ) كتلويحهم حيث تعدَّيتُ على سياسة الموقع،وهو أسلوبٌ يضحك له المرء من عجبٍ لا من طرب،وصدق المتنبي : وَماذا بِمِصرَ مِنَ المُضحِكاتِ وَلَكِنَّهُ ضَحِكٌ كَالبُكا والإشكال كل الإشكال حين يستشعر المرء وكأنه سلطة بمقدورها الإضرار بهذا، والإيقاع بذاك، ولله درُّ جرير حيث قال : زَعَمَ الفَرَزدَقُ أَن سَيَقتُلُ مَربَعاً أَبشِر بِطولِ سَلامَةٍ يا مَربَعُ وسؤال لفضيلة القاضي : أيهما أشدُّ حرمة سياسة الدولة ؟ أم سياسة الموقع ؟ وليختر الإجابة الصحيحة. الوقفة الثامنة : اشتدت المطالبة بمحاكمتي من بعض أعضاء ( قاضي نت ) المتخفين، وليت أحدهم يظهر ويتولى زمامها،ويكون جذيلها المحكك،وعذيقها المرجب،فإن أحجم واستأخر،فالأصل بقاء ما كان على ما كان،وكلٌ ميسرٌ لما خلق له،وصدق المتنبي : أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ الوقفة التاسعة: قول القاضي الرزين : (حيث عمد الدكتور وفقه الله إلى التمثيل على تلك المقدمة التي شنها على (أبالسة الإنترنت) بمثال أقل ما يقال فيه إنه نابع عن موقف شخصي من الموقع الذي اختاره وهو موقع قاضي نت ) فأقول : أليس ممَّا أكد عليه في مقدمة رده عدم القدح في الأشخاص وفي ذممهم ؟ فَلِمَ يبني ويؤسس ويؤكد ثم يهدم ؟ والمصيبة إذا كان القاضي يسلك هذا المسلك ويدخل في النيات ثم يرتب على ظنه حكماً، فأرجو أن لا يكون هذا ديدنه في محكمته وقضاياه. الوقفة العاشرة: قوله: (كما أود التأكيد أن علاقتي بموقع قاضي نت لا تعدو علاقة قارئ ومتصفح لما يكتب فيه فقط، ولست كاتبا فيه ). فأقول : ما مناسبة ذلك ؟ وهل قال أحدٌ أنك تكتب بموقع ( قاضي نت ) بمعرِّف يقال له : ( قاضي جدة ) حتى تنفي ؟ أم على قول المثل : ( كاد المريب أن يقول خذوني )، وقول الطرماح: كَأَنَّ بِلادَ اللَهِ وَهيَ عَريضَةٌ عَلى الخائِفِ المَذعورِ كُفَّةُ حابِلِ الوقفة الحادية عشرة: أفدتنا أنك ترتاد الموقع المذكور شبه يومي، وأنت بين أمور ثلاثة: الأول: أنك لم تطلع على هذه التجاوزات ولم تعلم بها، وعدم اطلاعك عليها وعلمك بها، لا يلزم منه ولا يعني عدم وجودها، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. الثاني: أنك اطلعت عليها فكتمتها، وليتك والحالة هذه اقتصرت على كتمانها، ولم تتجاوز إلى تكذيب من نقلها وأثبتها، فإن سكتَّ عن بيان الحق، فلا تحاول إسكات من تولَّى بيانه. الثالث: أنك اطلعت عليها فتأولتها، وعلى فرض التسليم بصحة تأولك، فمن الأمانة أن تذكرها وتثبتها ثمَّ توضح وجه توجيهك لها، لا أن تنكرها وتكذب من ذكرها. الوقفة الثانية عشرة: تقول: (فلم نر أي اعتداء، ولو رأيناه لما سكتنا) فأقول: أمكنت الرامي من سواء الثغرة، فلم يفت شيء فعنواني لديك فمتى أردتني أريكها أو أرسلها لك فهي جاهزة، وننظر هل ستنكرها وتعلن إنكارها عندهم أو في الجريدة كما أنكرت عليَّ،أم سيستمر سكوتك ؟ الوقفة الثانية عشرة: من أين لك أنني أطالب بإغلاق المنتديات المتخصصة ؟ وَلِمَ لم تورد البينة على ذلك من كلامي ؟ كما أوردت غيره ؟ علماً أنك قاضٍ وتعلم أن الدعوى بحاجةٍ إلى بينة وإلا فلا قيمة لها: والدَّعاوَى ما لم تُقيموا عليها بَيِّنَاتٍ أصحابها أَدْعِياءُ ثمَّ تقريرك بأن الجهات المختصة في الدولة تعرف كُتَّاب المنتديات ذاتاً وصفة، أزيدك بأنها أيضاً تعرف ما يكتبونه، فَلِمَ لا أتحاكم وإياك لها ليُعلم هل ما ذكرته في مقالي السابق من تجاوزات موقع (قاضي نت) والتي أنكرتها أنت صحيحة أم لا؟ وأخيراً وليس آخراً فالقاضي حمد الرزين لم يطالبني بالإثباتات على ما أوردته في مقالي السابق من أخطاء وتجاوزات موقع (قاضي نت) إنما اقتصر على النفي فحسب ومع ذلك فله فرصةٌ أن يستأنف ويطالبني بها وستكون بإذن الله جاهزةً، وعليه فأحب أن أؤكد أن أيَّ مقالٍ قادمٍ، أو ردٍّ لاحقٍ يتعلق بهذا الموضوع ما لم يناقش أصله وجوهره من ناحية ثبوت تلك الأخطاء والتجاوزات على موقع ( قاضي نت ) من عدمها، فلن أتطرق له لأنه خروجٌ عن الموضوع، وهروبٌ عن أصل الحوار، بل هو جدلٌ مذمومٌ يضيع له الوقت، ويستنفد له الجهد، دون فائدة تذكر، أما ما يتعلق بصميم الموضوع ومناقشة تلك الأخطاء والتجاوزات من ناحية ثبوتها ودوافعها وغاياتها فحيَّا هلاً . اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،، * الأستاذ المشارك بجامعة الإمام