تشهد منطقة الشرق الأوسط، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي زيادة حادة في الاحتياجات الصحية يدفعها الزيادة في أعداد سكان المنطقة، وارتفاع معدلات انتشار الأمراض المرتبطة بنمط الحياة الحديث، وزيادة نصيب الفرد من الإنفاق على الرعاية الصحية في جميع أنحاء المنطقة، حيث من المتوقع أن يرتفع عدد السكان في دول مجلس التعاون الخليجي ليصل إلى نحو 80 مليون نسمة خلال العقدين المقبلين. وبحسب تقرير تناول واقع ومستقبل قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن مشاركة القطاع الخاص في قطاع الرعاية الصحية في دول الخليج لا تزال محدودة في الوقت الحاضر، حيث تصل نسبة مشاركته حالياً 25٪ من مجموع ما يتم إنفاقه. وتوقع التقرير الذي صدر أمس عن أحد البنوك الخليجية وحصلت "الرياض" على نسخة منه، فإنه من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم مع زيادة مشاركة القطاع الخاص، كما أن تطبيق نظام التأمين الطبي الإلزامي لغير السعوديين والعاملين في القطاع الخاص في المملكة والإمارات والدول الأخرى التي من المتوقع أيضاً أن تحذو حذوها، سيزيد من إمكانات هذا القطاع المتنامي. وقدر التقرير حجم خدمات الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 18 مليار دولار أمريكي تقريباً، متوقعاً أن يصل حجم السوق في هذا القطاع إلى ما بين 47 إلى 55 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2020، وهو ما سيُترجم تبعاً لذلك إلى نمو سنوي مركب نسبته 9٪. وأشار التقرير إلى أن القيمة التقديرية لمشاريع الرعاية الصحية المستقبلية أو التي تحت الإنشاء في دول المجلس إلى نحو 10 مليارات دولار، حيث قد تم بالفعل الإعلان عن مشاريع لبناء أكثر من 200 مستشفى بسعة إجمالية تصل إلى 27009 أسرة معظمها من المقرر تسليمها في عام 2015، لافتا إلى محدودية دور القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي في قطاع الرعاية الصحية، حيث لاتتجاوز حصته 25 % من إجمالي الإنفاق العام في هذا القطاع. وقال التقرير "يشهد قطاع الرعاية الصحية في العالم وتيرة نمو أسرع من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وقد ارتفعت حصة هذا القطاع من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لتبلغ 9.7٪ في عام 2007 بعد أن كانت عند نسبة 9.2٪ في عام 2000. وهو ما يمثل نمواً بأكثر من 40٪ في حجم ما تم إنفاقه من نفقات صحية حول العالم، على مدى فترة الخمس سنوات الماضية. ومن الملاحظ أن قطاعات الرعاية الصحية في الأسواق الناشئة على وجه الخصوص، قد سجلت نمواً قوياً مدفوعة بزيادة التكاليف الصحية، وارتفاع أعمار السكان فيها، وزيادة الأعباء التي تتزامن مع الحالات المَرضيّة وأنظمة الرعاية الصحية القديمة، والتي أجبرتها بالتالي على فرض تغييرات جوهرية في أنظمة الرعاية الصحية لديها، ودول مجلس التعاون الخليجي ليست استثناء على هذا الوضع الجديد. ووفقاً للتقرير فإن حكومات دول مجلس التعاون تتكفل في الوقت الحاضر بأكثر من 75٪ من النفقات الصحية، ولكن حتى هذه الدول التي تمتلك مقدرات مالية مرتفعة لن تكون قادرة خلال العقود المقبلة على دفع تكاليف الرعاية الصحية. وعلى الحكومات أن تدرك الآن وأكثر من أي وقت مضى أنها في حاجة إلى مساعدة القطاع الخاص لتمويل ذلك كله. ونظراً لهذه العوامل فقد سعت الحكومات في المنطقة لدفع بالمزيد من الاهتمام لتلبية الاحتياجات الصحية لديها من خلال وضع خطط للعديد من المشاريع الواسعة النطاق في هذا القطاع فضلاً عن سن القوانين والأنظمة التي تستهدف إصلاح هذا القطاع بهدف جذب مزيد من استثمارات القطاع الخاص إليه.