مر أسبوع منذ أن بدأ الشهر الفضيل .. هل تصدقون هذا ؟!! كأني بإعلان دخول شهر رمضان المبارك كان البارحة فقط .. معروف أن تقارب الزمان من علامات الساعة ونحن نعيش هذا التقارب " معنويا" بشكل يخطف الأنفاس ، فما يكاد يبدأ اليوم حتى ينتهي ولا ينطلق اسبوع حتى يشد من ورائه شهرا باكمله ، فعاما يجر اعواما .. وعلى الرغم من أن هذا الامر نسبي وأن ما اشعر به أنا قد لا يشعر به غيري ، وان ساعة قد تمر كدهر على من يعيش انتظارا ما ، إلا أن الامر بوجه عام اصبح ظاهرة ترتبت عليها ظواهر .. من هذه الظواهر البطالة .. فبسبب تقارب الزمان يطول المقام بالشباب دون أن يشعروا بأن سنوات كثيرة تمر بهم وهم في تكاسلهم نائمون .. يسعون قليلا ويطرقون بابا ثم بابا ثم يشدون اغطية الشكوى حتى آذانهم ويقبعون في انتظار أن يأتيهم حل حكومي يحرك ما سكن من ارواحهم وعنفوان شبابهم المسروق .. وتأخر سن الزواج ايضا ظاهرة اخرى ترتبت على تقارب الزمان ..فبقدر ما يضيف الزمن الراكض الى اعمارنا على غفلة منا سنوات لا نعلم كيف أضافها ، بقدر ما يمر الزمن على البنات والاولاد فاذا ابناء العشرين أصبحوا في عداد الثلاثين يراقبون زحف الاربعين القادم نحوهم بسرعة بنصف عين وربع أمنية .. وارتفاع أعداد المعمرين وتجاوز سن السبعين والثمانين بذاكرة قوية وجسد متماسك نتيجة أخرى لتقارب الزمان فهؤلاء لا يعيشون عمرهم البيولوجي الطبيعي الذي يحسبه تاريخ الميلاد ولكنهم يعيشون عمرا آخر لم ينس حين كان يركض بهم أن يمحو في طريقه آثار تقدم الزمن عن وجوههم وعقولهم وخطواتهم .. ولعلها ايجابية واحدة تحسب لتقارب الزمان .. أقول لعلها .. أما آفة آفات تقارب الزمان كما اتصورها فهي اتساع رقعة اللامبالاة في حياتنا ، اللامبالاة في المحافظة على المواعيد باعتبار أن ما لم ينجز اليوم يمكن ان ينجز غدا ، واللامبالاة في تحديد الأهداف والعمل على تحقيقها وفق تخطيط منظم باعتبار أن ما لم يتحقق اليوم قد يتحقق غدا .. وفي النهاية لن تنتهي الدنيا لأنها لم تتحقق !! طبعا هناك من فلت من دوامة هذا التقارب المعنوي المرعبة واستطاع أن يكسو كل لحظة من ايامه بما تستحق من اهتمام .. ومازال حولنا الناجحون والناجون من التخبط واللامبالاة ، لكنهم قليلون جدا وللأسف هم "افراد" لذا فإن نجاحهم أمر شخصي ووتيرة ايامهم المنتظمة تخصهم وحدهم ..وبالكاد يستطيعون أن ينشروا حماسهم فيمن حولهم وبالكاد ينفعل بهم ولهم من حولهم .. تقارب الزمان في رأيي جاء نتيجة فعل جماعي غير مقصود ، ولن يعود الزمان الى طبيعته الا بفعل جماعي مقصود ، تعود به للوقت قيمته وللحياة اهميتها وللأيام معناها . *** رحم الله الانسان والشاعر والاديب ثم الوزير غازي القصيبي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان