كان الدكتور غازي القصيبي رحمه الله مثالًا حياً على النزاهة والإنجاز وعدم التأثر سلبا بالمناصب التي تسنمها رغم كثرتها. رجل حباه الله حضورا طاغيا وذكاء متقدا. تحترمه لحبه لوطنه وتفانيه في خدمته وتحترمه لحزمه ورؤيته الثاقبة. وتحترمه لترحيبه بالنقد. تحترمه لثقافته الواسعة الدينية والدنيوية. وسوف أعرض في مقال لاحق للناحية الروحانية من خلال مقابلاتي معه. رجل سبق زمانه بكثير إذ يعود الفضل بعد الله له في إطلاق العملاق سابك، وأهم من الشركة كانت رؤيته في استراتيجية التنمية البشرية في سابك حيث بعث آلاف الطلبة من حملة المتوسطة والثانوية للولايات المتحدة للتدريب في مجال صناعة البتروكيماويات، واستطاع بسواعد وطنية شابة أن يحقق المعجزة. كما يشهد على ذلك كتابه "حتى لاتكون فتنة". الرجال من أمثال الدكتور غازي لايتكررون إلا في كل قرن مرة أو مرتين. قد تأتي كتابة التأبين في الغالب من باب المجاملة أو العلاقة الخاصة أما في حالة الدكتور غازي القصيبي فإنها تصبح من المهام الوطنية التي يشعر معها من يكتبها أنه يسطر في ديوان الوطن أسطراً يستحقها ابن الوطن. نسأل الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر الكريم أن يقبله في الصالحين وأن يُدخله فسيح جنانه وأن يكون لسان حاله كلسان حال من قال الله تعالى عنه "ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين" وإلى لقاء مع الدكتور غازي رحمه الله عن الإيمان كتبته قبل سفره إلى أمريكا ولم أرغب بنشره إلا بعد وفاته.