بعد استجابة قناتي NBN والمنار لدعوة واحتجاج الكنيسة الكاثوليكية في لبنان، تم أخيراً إيقاف بث وعرض المسلسل الإيراني (السيد المسيح) على هاتين المحطتين. إلا أن "الجبهة الإسلامية" لم تهدأ، ففي تونس لا تزال قناة "حنبعل" ومعها قناتا "الساحل" و"نسمة" تتعرض لهجوم من تيارات إسلامية بسبب ما اعتبرته انتهاكاً لمقام الأنبياء بعرض تلك القنوات لمسلسلات إيرانية تجسد الأنبياء درامياً، بعد أن رفع محامون إسلاميون لمفتي تونس عرائض تطالب وقف هذه المسلسلات؛ غير أن قناة "حنبعل" أوضحت أنها عرضت حلقات من هذه المسلسلات على لجنة إسلامية وأقرّته. "الاتفاق" الإسلامي المسيحي على شجب ومنع مسلسل "السيد المسيح"، لم يكن أبداً في بال مخرج المسلسل الإيراني طالب زادة الذي أعلن قبل أعوام أنه في صدد إخراج مسلسل يقدم الرواية الإسلامية لقصة النبي عيسى بن مريم، رداً على الفيلم الأمريكي (آلام المسيح) لمخرجه ميل غيبسون. وذلك كنوع من حوار الأديان والفنون.. "بصرياً". لكن المسلسل الإيراني المُنتج حديثاً، مقارنة مع مسلسل (مريم المقدسة) و(يوسف الصديق)، لقي رفضاً واحتاجاً مسيحياً في لبنان، بعد عرضه أول أيام رمضان الحالي؛ رفضٌ كاد أن ينزل إلى الشارع، سخطاً على تقديم روايةٍ، تضرب في عمق الإيمان المسيحي، فيما يخص مسألة الصلب (وما صلبوه). والمطالبة بوقف المسلسل وصلت إلى المواقع الإلكترونية، مروراً (بالفيس بوك)، علماً أن المسلسل كان قد عُرض نسخة سينمائية منه في مهرجان السينما الإيرانية في بيروت قبل عامين، ولم يجد رفضا وقتها، إلا أن استجابة قناتي NBN والمنار جاءت حسب مسؤولي المحطتين لأسباب سياسية وطنية تتعلق بحماية "العيش المشترك". بقي أن نشير إلى مفارقة وهي أن رجال الدين المسيحيين والمسلمين اتفقوا على منع هذا المسلسل رغم أنهم يختلفون على أصل الرواية، وهو ما يكشف أيضاً قصور وعيهم بأهمية وحساسية وفاعلية خطاب الصورة في زمنٍ تحول من الشفهي والمكتوب إلى عصر الصورة.