اعتقد مسؤولون عسكريون أمريكيون بعد بعض الوقت من سجن محمد القحطاني في غوانتانامو في بداية عام 2002م انهم عثروا على صيد ثمين لأنهم أمام شخص ربما كان ينوي ان يكون ضمن المختطفين في مؤامرة الحادي عشر من سبتمبر. غير ان التحقيقات معه لم تثمر عن شيء كبير وذي قيمة ولذلك فقد قرر المحققون في منتصف ذلك العام تجربة طريقة أخرى معه حيث عملوا على حقنه بمادة مهدئة وحملوه غير مدرك لما حوله على متن طائرة كان من المفترض ان تأخذه إلى منطقة الشرق الأوسط. وبعد ساعات من التحليق في الجو هبطت الطائرة عائدة إلى قاعدة بحرية أمريكية في خليج غوانتانامو في كوبا حيث لم يتم اعادته إلى معسكر السجن العادي وإنما أبقوه سجيناً في زنزانة انفرادية في سجن سفينة بحرية وأخضع لاجراءات تحقيق قاسية هدفت إلى جعله يعتقد بأنه يتم استجوابه من قبل محققين عرب. ويعتبر تقرير معاملة القحطاني الذي أعطي إلى صحيفة نيويورك تايمز مؤخراً من قبل مسؤولي مخابرات عسكريين ومحققين آخر الحقائق في سلسلة تطورات عديدة ألحقت الضرر بالصورة العسكرية العامة لكيفية طبيعة الأوضاع والتحقيقات في مركز غوانتانامو للاعتقال. ووفرت مقابلات أجريت مع عناصر مخابرات ومحققين سابقين تفاصيل جديدة وأكدت ما تردد سابقاً من ابقاء السجناء مقيدين لساعات طويلة وجعلهم يلوثون أنفسهم بفضلاتهم واخضاعهم لأصوات موسيقية صاخبة كما ان بعضهم ربما يكون قد أعطي حقنا شرجية عقوبة له. وقال أحد المحققين السابقين انه في الوقت الذي كان يتم فيه تهديد كل المعتقلين باستخدام أساليب قاسية وبشعة معهم إلا ان واحداً تقريباً من كل ستة سجناء تعرضوا لهذه الاجراءات القاسية. وأضاف المحقق السابق قائلاً بأنه كان عندما يصل محققون جدد يتم ابلاغهم بأن لديهم حرية واسعة في انتزاع المعلومات من السجناء لأن معاهدات جنيف لا تنطبق على القاعدة. وقد بالغ المسؤولون العسكريون في اظهار غوانتاناما وكأنها منشأة تراعي فيها المعاملة الإنسانية لبضعة مئات من السجناء وانه يمنع فيها ممارسة عقوبات قاسية، واعتاد الميجور جنرال غوفري ميلر والذي كان قائد عمليات غوانتانامو خلال الفترة ما بين نوفمبر عام 2002 إلى مارس عام 2004 ابلاغ اعضاء الكونغرس والصحفيين الزائرين بأن هذه الطريقة تهدف إلى بناء الثقة بين السجين والمحقق. وأبلغ ميلر الصحفيين في مارس عام 2004 بقوله: نحن نحتجز هؤلاء المقاتلين الأعداء بطريقة إنسانية وانني امل ان يتم معاملة رجالنا ونساءنا إذا احتجزوا في ظروف مماثلة بنفس هذه الطريقة الإنسانية. وأبلغ سلفه البريغادير جنرال جاي هوود الصحفيين في نوفمبر بأنه راض ومرتاح لعدم تعرض السجناء لسوء معاملة وانه لم يتم تعذيبهم البتة. وعرض على صحفيين سمح لهم بمراقبة عملية استجواب من خلف زجاج أحد المعتقلين يتناول شراباً وطعاماً من مطعم ماكدونالدز في القاعدة مع المحقق المكلف بالتحقيق معه بل وكان الاثنان يتبادلان الأحاديث الودية ومع ذلك اتضح للصحفيين في وقت لاحق بأن المشهد الحميم بين السجين والمحقق تم عرضه ايضاً على ثلاثة مجموعات صحفية أخرى على الأقل. وبالاضافة إلى تقرير معاملة القحطاني فإن المقابلات الجديدة تعطي تفاصيل تعزز بعض التقارير السابقة التي تم كشف النقاب عنها مؤخراً بشأن الاجراءات المتبعة في غوانتانامو بما فيها تقارير لجنة الصليب الأحمر الدولية وتقرير مكتب التحقيقات الفدرالي والتي نشرت في ديسمبر بصفتها جزءاً من دعوى قضائية رفعها اتحاد الحريات المدنية الأمريكي بهذا الصدد. وكانت معلومات كثير من المصادر تتطابق مع وجود براهين لاستخدام اجراءات معينة مع السجناء بما فيها الحرمان من النوم لفترات طويلة وابقاء السجناء مقيدين بالاصفاد في أوضاع غير مريحة لساعات طويلة وكتب أحد عناصر مكتب التحقيقات الفدرالي إلى رؤسائه قائلاً بأنه شاهد هذه الأساليب مرات عديدة ومن ضمنها ابقاء سجين مقيد طيلة الليل في زنزانة شديدة الحرارة وجعله يلوث نفسه بالقاذورات ونتف خصلات من شعره بعنف وبألم شديد. وقال مسؤولون عسكريون شاركوا في هذه الممارسات في اكتوبر بأن السجناء كان يتم تعذيبهم بتقييدهم على مقاعد قصيرة لساعات طويلة مع تركيز اضاءة قوية على أعينهم وتسليط موسيقى صاخبة ملاصقة لآذانهم. وقال محقق سابق أيضاً في مقابلة أجريت معه في الآونة الأخيرة بأن كثيرا من المحققين استخدموا مع السجناء شرائط مسموعة مصحوبة ببكاء أطفال شديد وإعلانات تجارية صاخبة. ومن جانبه قال اللفتنانت كولونيل ليون سمبتر المتحدث باسم القيادة في غوانتانامو في بيان له بأن المسؤولين لن يعلقوا على الاتهامات بشأن التعذيب لأي من السجناء بما فيهم القحطاني الذي ألقي القبض عليه في أفغانستان. وأوضح كولونيل سمبتر قائلاً: اننا لا نناقش أساليب تحقيق محددة أو تعريف سجين معين وان كل السجناء في مأمن ويوفر لها الطعام والشراب والملابس والرعاية الصحية والحقوق الأساسية بما يتماشى واتفاقية جنيف، وأضاف سمبتر بأن الولاياتالمتحدة لا تسمح بالتعذيب أو تغض النظر عنه من قبل أي من موظفيها. وقال سمبتر ان نظام التحقيق في غوانتانامو اثمر عن نتائج استخباراتية مفيدة اعتمدت على الثقة وليست على الخوف أو الاكراه والتهديد. وقال مسؤولو المخابرات الذين تحدثوا مع التايمز بأن المحققين والسجناء مقسمون إلى خمس مجموعات على أساس جغرافي لدول عربية وآسيوية وأوروبية وأمريكية وهناك مجموعة خامسة لحالات خاصة بما فيها حالة القحطاني. وأوضح مسؤولون تحدثوا عن المعتقلين بأن القليل من السجناء فقط لديهم معلومات مفيدة وذات قيمة وقالوا ان الكثير من الاستجواب كان عن أفغانستان. وأكد محققان سابقان شكاوى عديدة من منظمات حقوق إنسان بما فيها سهولة حصول المحققين على سجل السجين الطبي مما يشجع السجناء على عدم طلب الرعاية الصحية كما ان المحققين يلجأون إلى مساعدة فريق من الاخصائيين النفسيين والذين يقترحون عليهم وسائل تجعل السجناء أكثر تعاونا معهم وقال أحد أولئك المحققين انه من المفترض ان يساعدهم فريق الاخصائيين النفسيين في انهيار المساجين. وقال أحد المحققين السابقين ان تقرير الصليب الأحمر كان صائباً في تأكيده بأن بعض المحققين يستخدمون وسائل قذرة لمضايقة المعتقلين. «نيويورك تايمز» خاص ب«الرياض»