الطب مهنة شريفة وعمل إنساني نبيل يجسده مئات المبتعثين السعوديين حول العالم باحترافية عالية في الأداء والمسؤولية، إلى جانب الإفادة من القدرات والخبرات والإمكانات الأجنبية والتطلع إلى خدمة الوطن قريباً. "الرياض" تحدثت مع الأطباء المبتعثين في دولة كندا، ورصدت بعض طموحاتهم لتطوير المهنة. علاقة مميزة يقول "د. خالد الحذيفي" مساعد الملحق الثقافي في كندا: إن تاريخ العلاقة بين المملكة وكندا في مجال الطب وابتعاث الأطباء يمتد إلى عشرات السنين، بل إن أغلب الأطباء المتميزين نجدهم في جامعات عالمية مرموقة هنا، حتى وإن تخرجوا من جامعات سعودية في مرحلة "البكالوريوس"، إلا أن مواصلتهم في المراحل العليا تكون في جامعات مرموقة عالمياً، ومن بين الذين درسوا في دولة كندا "د. عبدالله الربيعة" وزير الصحة، مؤكداً أن الطبيب السعودي عندما يأتي ليتزود بالعلم من كندا فإنه لم يكن يوماً من الأيام سلبياً بل إيجابياً، وتعدى ذلك إلى الدور التفاعلي، حيث إن أغلب الأطباء يقدمون خدمات جليلة للمستشفيات والمرضى الكنديين، فهم في سبيل طلب العلم من الناحية النظرية، إلا أن لهم دورا عن طريق العمل والممارسة، فهم يستفيدون ويفيدون، وما نسمعه من صدى طيب من ردود فعل إيجابية من المسئول الكندي والأستاذ الجامعي من تقدير لتلك الجهود يثلج الصدر، لافتاً إلى أن الاستفادة كانت كبيرة في تحصيل العلم وفي التطبيق العملي، إلى جانب الحصول على أعلى الشهادات، وسيعود هؤلاء الأطباء إلى أرض الوطن مزودين بتلك المعارف والمهارات لخدمة بلادهم. د. الغامدي: مرحلة التغيير إلى الأفضل قادمة لا محالة تجربة مفيدة ويؤكد "د. محمد الغامدي" -مبتعث من جامعة الملك سعود لدراسة تخصص طب الأطفال- أن كندا تعتبر بلداً غنياً عن التعريف وخصوصاً في مجال دراسة التخصصات الطبية، حيث تعتبر من الدول الرائدة في هذا العلم، مشيراً إلى أن تخصصه في المملكة ينمو بشكل مطرد، وهو ما دعاه للذهاب لتطوير قدراته، مبيناً أنه قد أصبح لدينا في المملكة مراكز معتبرة وأطباء ذو مهارات عالية تهتم بهذا التخصص، وتقوم بإجراء العمليات المعقدة لمشاكل الأطفال القلبية وعيوبها الخلقية، مضيفاً بالنسبة للعمل مع الأطباء الكنديين فهو مبني على الاحترام والتقدير، فالمرء يستفيد من مثل هذا التخالط وتبادل الخبرات والمعارف، وأن الشعب الكندي بصفة عامة شعب متحضر ويتعامل مع غيره بطريقة حضارية. وأوضح "د. الغامدي" أن التعامل مع الأطباء الكنديين داخل المستشفيات يسوده جو من الألفة والاحترام والاستفادة من الطرف الآخر، مؤكداً على أن بلدنا ولله الحمد لا تنقصه الطاقات البشرية والخبرات العلمية، ولكننا نفتقد إلى النظام الذي يقوم بتوفير الممارسة الطبية الآمنة، ويحمي حق الممارس الطبي، كما يحمي حق المريض بطريقة عادلة، مشيراً إلى أن مرحلة التغيير إلى الأفضل قادمة لا محالة في ظل وجود القيادة المسئولة. د. أيمن عبدالرحيم مع زملائه في المستشفى جهد كبير ويقول "د. خالد عكور" طبيب متخصص في أمراض النساء والولادة: إن العمل في كندا يتطلب الجهد الكثير، لأن ساعاته طويلة والمستشفيات قائمة بشكل أساسي على الأطباء المقيمين، بل إن المسئوليات أكبر والمتوقع من الطبيب المقيم أكثر مما يتوقع منه في المملكة، مبيناً أن العمل في معظم المستشفيات في المملكة تعتمد كلياً على الأخصائيين غير السعوديين، مما أثر على مستويات الأطباء المقيمين وثقتهم بأنفسهم، معتبراً المجتمع الكندي كأي مجتمع غربي مثقف والعمل معه مريح من جانب، لكنه مزعج من جانب آخر، فالأريحية أن معظم المرضى على قدر كبير من الثقافة والتعليم، فلا يجد الطبيب أي صعوبة في التعامل مع المريض، ولكن في المقابل فإن ثمن الثقافة والاطلاع قد تضع الطبيب في مأزق، فعند حضور المريض للعيادة فإنه يجلب قائمة من الأسئلة التي قد لا يمتلك لها الطبيب إجابات في بعض الأحيان!. إشراف دائم وأوضح "د. عكور" أن هناك أمورا قد تعيق الطبيب مثل خوفه من الأمور القانونية أو مطالبات المرضى وشكاويهم، مما يضطر الطبيب أحياناً لاتخاذ قرارات ليست هي الأمثل، ليتجنب مثل هذه المشاكل، لافتاً إلى أن التدريب في كندا يكون بإشراف دائم، حيث يشعر الطبيب مع الوقت باكتساب ثقة النفس، وقد حصلت مؤخراً على شهادة شكر وتقدير على إجرائي عملية قيصرية بسرعة فائقة، لإنقاذ حياة طفل كندي تعرض لهبوط شديد في ضربات القلب أثناء الولادة، ناصحاً كل طالب طب أن يبدأ بدخول الاختبار الكندي قبل تخرجه، واختيار التخصص المناسب، مع استغلال كل فرصة لتطوير نفسه في بلد الابتعاث، والأهم أن يكون كل همه هو نقل كل ما فيه خير للوطن. د. محمد الغامدي يتابع أحد مرضاه تخصص دقيق ويقول "د. أيمن عبدالرحيم" مبتعث من جامعة الملك فيصل في تخصص جراحة الأورام النسائية وجراحة المناظير: إن العمل في كندا يمتاز بكثافته، مما يجعل المتدرب ينشغل بشكل ايجابي في مجال تخصصه الدقيق، كما أن تواجده في عدة مستشفيات تحت مظلة الجامعة يتيح له العمل مع عدد كبير من ذوي الخبرة في مجال التخصص، مضيفاً أن النظام الكندي يمتاز بتوزيع المهام على الأطباء، فحين يعمل الطبيب في التخصص الفرعي الدقيق فهو يكرس جهده فيه ولا تسدى إليه مهام في تخصصه الأصلي الرئيسي مهما كانت الظروف، مشيراً إلى أن الكثير من المستشفيات في المملكة لا يُفعل فيها التخصص الدقيق في جميع الأقسام كما هو الحال في كندا، حيث إن استشاري جراحة الأورام تجده يعمل في مجال التخصص الرئيسي، ويتابع المرضى المنومين في العيادة، وكأنه طبيب نساء وولادة لا أكثر، ليجد نفسه أنه ليس في مجال تخصصه الدقيق.