في ليالي السمر ولقاءات الأهل الأصدقاء وحفلات التخرج والمناسبات تفتح الاستراحات أبوابها لاحتضان طارقيها، للترويح والترفيه وممارسة هوايات قد تمتد أضرارها لتصل إلى الأرواح والصحة البدنية، إما لسوء النظافة أو افتقاد سبل السلامة والوقاية بالمرافق المتواجدة بها كالمسابح أو طفايات الحريق وماشابه ذلك. «الرياض» استطلعت آراء مرتاديها في أوج مواسمها فطرقت الأبواب رغبة منها للوقوف على أسباب لجوئهم إليها والبحث عن سبل علاج مساوئ البعض منها، واستغلال خصوصية المجتمع. أرض مُسَورة بداية ترى «ندى السكيت» أن مالكي الاستراحات يستغلون حاجة المجتمع لمثل هذه الأماكن التي تحفظ الخصوصية لهم، من حيث الأسعار المبالغ فيها وخصوصاً أنها غالباً ما تكون على أطراف المدينة وتفتقر لأي ميزة أو خدمات، كما أنها عادة تكون أرضا مسورة بجدار غير مسلح، وأرض مساحتها صغيرة ومزروعة بعشب غير نظيف، في وجود مطبخ بدون ثلاجة أو غاز، وغرفتين مليئتين بالغبار والحشرات الزاحفة، ومع ذلك إيجار القسم الواحد بها لا يقل عن 650 ريالا في أحسن الأحوال، مشيرةً إلى أن أغلب الاستراحات التي أقاموا بها مناسباتهم الخاصة واجتماعاتهم العائلية لا تصل للنظافة المطلوبة، كما أنها مليئة بالحشرات والفئران والأغبرة، مؤكدةً أن سبل السلامة معدومة جداً وخصوصاً في المسابح الممتلئة بكميات هائلة من «الكلور» التي تصل درجة تركيزه إلى حد «الاختناق» لمن يعاني من أمراض صدرية، وللأسف لا يوجد رقيب على هذه الإستراحات مستغلين الروتين الحياتي القاتل وهروب الناس إليها. برفقة من تحب وأوضحت «ندى»: أن الاستراحات أصبحت مثل «الديوانية» التي يتشارك فيها الجميع بدون «رسميات»، وبعيداً عن خصوصية البيوت، وللأسف نرى الجميع من ملاك الاستراحات باتوا يستغلون الوضع في رفع الاسعار بشكل خيالي، مما جعل أغلب الأسر البسيطة تحرم نفسها متعة اللقاء والاستمتاع بالإجازة برفقة من تحب. أطواق النجاة وتذكر «أم أحمد» حالة غرق ابنتها ذات الأربعة أعوام بسبب افتقاد الاستراحات لسبل ووسائل الأمان، مثل افتقادها لسياج محيط بها أو توفر أطواق النجاة، وتقول: كانت ابنتي «نجود» تلهو هي وقريناتها، وفجأة تعالت الأصوات لأجد ابنتي غريقة في المسبح، كما أنه لم يكن أحد من الموجودين يجيد السباحة ولا الحارس، مما اضطرنا للجوء إلى الاستراحات المجاورة للبحث عن منقذ لها!. الإصابة ب«الاكزيما» و«النزلات المعوية» تهدد من يمارس السباحة داخلها سوء تعقيم وتؤكد «نورة» سوء التعقيم في مياه مسابح الاستراحات والتي على أثرها أصيب أبناؤها ب»نزلة معوية حادة»، مضيفةً بعض أنواع المسابح وبمجرد النظر إليها تجد لون الماء قد تحول إلى اللون «الرمادي» أو المعكر، مما يدل على وجود أنواع هائلة من الجراثيم قد تدخل إلى الجسم دون أن يشعر الشخص بذلك!. اكزيما وربو وتوضح «لمياء علي» أنها لازالت تُعالج في إحدى عيادات الجلدية بسبب سوء النظافة وزيادة كمية الكلور في مسابح إحدى الاستراحات التي استأجرها أهلها في أحد أيام الإجازة، وتقول: لم أصب أنا فقط ب»اكزيما» في يدي، ولكن امتد الأثر ليصل شقيقتي لتصاب بنوبة «ربو» حادة بسبب زيادة كمية الكلور. السنوية أنظف ويُقيّم «عبد العزيز الحربي» نظافة الاستراحات من عدمها على حسب نوعية إيجارها، والتي تكون عادةً السنوية أفضل نظافة من المؤجرة بشكل يومي، مضيفاً تظل نظافة الاستراحة من عدمها على حسب الاستخدام الشخصي للمستأجر، والذي غالباً ينقصه وعي المحافظة على ملكية الغير، لافتاً إلى أن الأسعار غالية بدون مقياس، وخصوصاً أن أغلب الاستراحات تقع في أطراف الرياض وفي مناطق غير مأهولة للسكن، بل لا يوجد حولها خدمات، فنجد أن إيجاراتها تساوي إيجارات شقق في وسط الرياض، زيادةً على ذلك فإن أغلب الإستراحات غير صالحة من حيث البناء، كما يجب على البلدية أن لا تصدر التصاريح إلا للمباني السليمة والتي تلتزم بمواصفات ووسائل السلامة. سوء تصرف ويرى «فايز العمري» أن نظافة الاستراحات تختلف على حسب مالكها وشروطه على المستأجر، والذي قد ينقصه الوعي تجاه المكان ليدمره بسوء التصرف، كما أن الأسعار مبالغ فيها بشكل لا يتوافق مع الخدمات المقدمة، كالإضاءة السيئة والمياه المنقطعة باستمرار والنظافة غير الموجودة، كما أنه مع الأسف تُرفع الأسعار أوقات الأعياد والمناسبات ليقين أصحابها بأنه موسم التجمعات واللقاءات الحميمة بين الأهل والأصدقاء. مدخل إحدى الاستراحات ويتضح من خلاله أنها غير مناسبة للتنزه 30% فقط ويؤكد «محمد العلي» مالك استراحة أنه لا يوجد استغلال مادي من جهته، فهو لم يشتر أرضاً ويبنيها لتكون سبيلاًَ، كما أنه يريد أن يعوض خسارته التي خسرها، مشدداً بأن الأسعار لا تزيد غالباً على نسبة (30%) في مواسم الإجازات والأعياد، وهو حق مشروع له ولغيره، وفي جميع دول العالم تطبق هذه الزيادة، كما تطبق في البضائع والشقق والفنادق وما شابهه من استثمار. رهن بالطلب وأوضح أن (70%) من الاستراحات مستوفية للخدمات وسبل السلامة، ويُعمل لها صيانة دورية، بالإضافة إلى أن جميعها يحتوي على قسمين وبيت شعر ومسبح، إلى جانب وجود غُرف ودورات مياه ومطابخ، ويظل غلاء الأسعار من عدمه رهيناً بالطلب والتجهيزات، فمناسبات الزواج تختلف عن التخرج وعن الاجتماعات العائلية. كشف دوري وقائي وتؤكد «مديرية الدفاع المدني بمنطقة الرياض» أن الاستراحات تندرج ضمن خطة الكشف الدوري الوقائي التي يتم الوقوف عليها، للتأكد من اشتراطات السلامة الواردة في نظام لوائح الدفاع المدني، التي تلزم أصحاب الاستراحات بالعديد من التجهيزات الضرورية فيما يخص المسابح، كوجود «سياج» حول المسبح و»عصا» إنقاذ طويلة وطوق نجاة، والتأكد من عزل التمديدات الكهربائية القريبة من المسبح عزلاً تاماً، لتجنب الالتماسات الكهربائية، وكذلك توفر حقيبة إسعافات أولية، كما جرى تعميم اشتراطات السلامة في المسابح وفق ما تضمنته لائحة اشتراطات السلامة وسبل الحماية الواجب توافرها في ملاعب الأطفال، ويوجد هناك جولات تعقيبية مستمرة على الاستراحات وتشكيل لجنة للكشف على هذه المواقع باشتراك العديد من الجهات ذات العلاقة ومنها الدفاع المدني،وفي حال وجود خطورة تهدد أرواح مرتاديها يتم فوراً إيقافها حتى تمتثل للنظام. جنباً إلى جنب وفيما يخص تعاون أمانة منطقة الرياض مع الدفاع المدني، فإن نظام الدفاع حدد مسؤوليات كثيرة، وهناك تعاون كبير سيحقق نتائج طيبة على أرض الواقع، والمسؤولون في أمانة مدينة الرياض لا يألون جهداً جنباً إلى جنب مع الدفاع المدني، لدعم السلامة بشكل عام عن طريق اللجان المشكلة بينهما، ويعد ذلك من أهم الشروط لاستمرار العمل، حيث إن كثيراً من المنشآت متابعة ومرخصة من قبل الأمانة ويتم التنسيق معها في كثير من الأنشطة، ولا يرخص لها إلا بعد موافقة الدفاع المدني، ويوجد للدفاع المدني مكتب تنسيق في الأمانة للتسهيل في المراجعة، بموقع موحد لتراخيص الأنشطة. لعبة البلوت ويرتبط بالاستراحات العديد من المواضيع ومنها هروب الأزواج من منازلهم لغرض التنفيس والبعد عن المشاكل واختلاف وجهات النظر بينهم وبين زوجاتهم، حيث يرى «فايز العمري» أن الاستراحة تعد بمثابة الترويح له عن النفس، للابتعاد قليلاً عن المنزل، ولإعطاء زوجته فرصة الاهتمام بالأبناء، مؤكداً أنه من الخطأ أن يمكث الرجل على مدار الساعة في منزله، حتى لا تزيد نسبة احتمالية وقوع المشاكل أو اختلاف وجهات النظر، مشيراً إلى أنه في الاستراحة يستطيع الرجل أن يمارس السلوكيات التي لا يستطيع أن يمارسها داخل أسوار بيته، مثل مزاولة «لعبة البلوت» التي تتطلب وجود جَمعة من الشباب، فالرجل الشرقي لا يوجد له متنفس برفقة أصدقائه سوى الاستراحات أو المقاهي، مشدداً على أن كل الأمور والعادات إن لم تمارس باتزان فستؤثر حتماً بطريقة سلبية على كافة العلاقات. على سجيته ويؤكد «عبد العزيز الحربي» أن مكوثه في الاستراحة بمثابة الترويح عن النفس، فمن خلالها يستطيع أن يكون على سجيته بلا تحفظات أو قيود كالتي تكبله عند أهل بيته، مشيراً إلى أن مكوثه بالاستراحة قد يمتد ليصل ثلاث ساعات يومياً، لا تؤثر على علاقته الزوجية نظراً لتفهم زوجته وعقلانيتها. فراغ عاطفي ويري «يوسف العياضي» الاختصاصي الاجتماعي أن هروب الرجل لأسوار الاستراحات رغم مساوئها وقلة خدماتها، تندرج تحت عدة أسباب أهمها الفراغ العاطفي بين الزوجين، مما ينتج عنه عدم وجود التواصل الفكري والثقافي، كما أن للإسقاط النفسي الذي يصيب الرجل بمحاولته الهروب من المشاكل أكبر الأثر في البحث عن التجمعات والضحك والترفيه خارج منزله، ليعوض ما يفتقده داخله، وقد يكون قلة وعي الرجل بمسؤولياته أحد أهم الأسباب التي تدعه يتهرب من التزامه تجاه أهل بيته الذي يعتقد أنهم همٌّ عليه، مضيفاً أن الخطأ بهروب الرجل من منزله هو خطأ مشترك بين الزوجين، يوقع الزوج في شراك الاستراحات التي قد تجره إلى مسالك السوء والدمار، مؤكداً أن هروب الرجل قد يتبعه هروب للمرأة، بالبحث عمن يشاركها أوقات غياب زوجها، إما عن طريق «الدردشة» أو عن طريق الهاتف وما شابه!.