عززت المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا حقوق الآباء غير المتزوجين في حضانة أبنائهم. وأصبح من حق الآباء منذ الآن المطالبة بالحضانة المشتركة لأبنائهم وإن كان ذلك ضد رغبة الأمهات. ورأت المحكمة أن الوضع القانوني الحالي الذي يعطي الأولوية للأم في حضانة الأبناء مخالف للدستور. كانت الأم حتى الآن هي التي تقرر ما إذا كانت ستحتضن الأولاد وحدها أم ستشرك الأب معها في هذه الحضانة أم ستحرمه منها تماما. ولم يكن باستطاعة الآباء بموجب القانوني الحالي مقاضاة الأم والمطالبة في إشراكهم في حضانة أبنائهم سواء كانت هذه الحضانة المشتركة في مصلحة الأبناء أم لا. غير أن المحكمة رأت أن مثل هذا الاستبعاد للأب من المشاركة في تربية أبنائه يخالف حق الأبوة الذي ينص عليه الدستور. وكان قرار المحكمة استجابة لقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والتي رأت نهاية العام الماضي في حكم لها أن القانون الذي ينظم حضانة الطفل في ألمانيا ينتهك حظر الاضطهاد والحق في احترام الحياة العائلية حسب الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان. كانت مصلحة الطفل نقطة محورية بنت عليها المحكمة الألمانية حكمها حيث تتطلب هذه المصلحة أن يكون للأطفال الحق في أن يرعاهم والداهم معا. ورغم أن الإجراءات القضائية الرامية لتوضيح حق أحد الأبوين أو كليهما في حضانة أبنائهما "قد تمثل عبئا مؤقتا على الأطفال" إلا أن هذه الإجراءات ضرورية لتوضيح هذا الحق الذي يخدم مصالح الطفل. واستندت المحكمة في حكمها إلى دراسات شاملة عن تأثير النزاع القضائي بين الوالدين على مصلحة أبنائهما. وتؤكد هذه الدراسات أن نصف الأزواج فقط هم الذين يتفاهمون بشأن الحق المشترك في حضانة الأطفال وأن ذلك ليس سببه في الغالب شدة الخلافات بينهما والتي قد يكون لها تأثير سلبي مستديم على الطفل بل لأن الرغبات الشخصية للأم هي التي تكون الأساس في هذه النزاعات، تلك الرغبات التي ليس لها صلة بمصلحة الطفل. وهل تعني الحضانة المشتركة التربية المشتركة أيضا؟ يعطي حق الحضانة الوالدين المزيد من الحقوق أكثر من مجرد الحق في التعامل مع الطفل والذي كان من حق الآباء حتى الآن. غير أن حق الحضانة المشترك لا يعني أن على الوالدين اتخاذ أي قرار بشأن الطفل بشكل مشترك بينهما حسبما أوضح فولفجانج شفاكينبرج، خبير شئون الأسرة في جمعية المحامين الألمان. أضاف شفاكينبرج:"غير أن هذا الحق يسري على جميع القرارات ذات الأهمية الكبيرة مثل مكان سكن الطفل والمدرسة التي سيتعلم بها وغير هذه القضايا". ويعكف خبراء المحكمة الدستورية العليا الآن على إعداد تصور جديد لحق الحضانة، ذلك التصور الذي أصبح ضروريا أصلا منذ حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ومن بين الأفكار المطروحة للنقاش هو ما بات يعرف بحق المعارضة الذي تمنح على أساسه حضانة الطفل للوالدين معا على أن يكون من حق الأم معارضة ذلك ورفع دعوى أمام المحكمة تطالب فيه باستبعاد الأب من هذه الحضانة ويكون للمحكمة حق البت في هذه الدعوى بالقبول أو الرفض.