بيت تسكنه المحبة .. وتحوم حول ثريّاته الفراشات ، وادعة آمنة .! تومض النجوم في أمسياته .. ويضحك ندَى الفجر على سطوحه .! تطل عليه رؤوس المآذن ، فينسكب صوتها في الأفئدة تهليلا وتكبيرًا .. في ذلك البيت ، ومن روشانه ، تحرّكت أمام عينيّ مشاهد حياة البسطاء الوادعة .. حياة توهّجت بالأمل .. وخفقت بالأمنيات .. وحلّقت أحلام إنسانها بالجوانح .! تتوقد فينا الأشواق ، كما يصطلي ( الخبز ) بأتون ( الفُرن ) .. أقول لها اليوم : " يا دار وين اللي سكن من عربكي ومن اولٍ كل ساعة يمرّون" ويدور قرص البوح على رحى الذكرى .. يلف حول نفسه شجنًا ، كما يستعر قرص الخبز في (الفُرن) بقرب ( السحَيّرة ) ، المرصّع خدها بفصوص ( السّمسم ) : " يا موقد النار في قلبي لها شُعَلُ تأتي .. وتضرمُها يوماً .. وترتحِلُ يا من ترفّ على الأهداب في خجلٍ لولاك.. لم يستفق في خديَ الخجلُ " وينبعث المنولوج الداخلي ، يستعيد مساحات من شريط العمر .. هي مرافعة ، تُسقط كل الحجج والمبررات ، دفاعاً عن " العش " الذي كان يأوي إليه الطير المسافر قبل أن يهاجر : " يا طيبَ مجلسنا .. والبدرُ مكتملُ مع النجوم .. وحبلُ الودّ متّصلُ وأنت تشدو فيشدو القلب في طرب شدواً تقطّرَ منه الشهدُ .. والعسل ُ " وفي زحمة المشاعر ترفض النفس الامتلاك ، ويعز عليها أن ُتستدرَجَ للأسر خلف الأسوار وأسلاكها الشائكة ، حتى بدواعي الحب : " واليا حمامة شتّت الله شعبكي ما كان غنيتي مجارير ولحون أبغى الطرب لكن ما أبغى طربكي طربان بعض ايام وايام محزون" * * * آخر سطر في دفتر الشعر : " يا لذكراكَ التي عاشت بها روحي على ( الوهم ) سنينا .. ذهبتْ من خاطرى إلا صدى يعتادني حينا فحينا " .! سامحوني يا (أصدقاء الفرح) .. لا بأس بقليل من الحزن .. إنه ( الأستاذ ) الذي هذّب وجداننا ، وصقل جوهر الإنسان فينا .! لكن ، حتى لو مرّ بنا حينا فلن يطيب له المقام .!