تلقيت دعوة كريمة من الأستاذ محمد بن عبدالعزيز التويجري لحضور حفل مناقشة رسالة الدكتوراه المقدمة من الباحث فهد الملحم.. وعنوانها (عبدالعزيز التويجري أديباً) وذلك بقاعة المحاضرات الكبرى في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (قاعة عبدالعزيز العبدالمحسن التويجري اعتباراً من مساء الثلاثاء 25/6/1431ه). وحسناً فعلت جامعة الإمام في هذه البادرة الإنسانية المباركة.. حيث توجت هذه اللمسة الوفية بإنشاء كرسي الشيخ التويجري للدراسات الإنسانية.. ولعل الجامعات الأخرى تحذو حذوها في هذا الجانب الإنساني عبر إنشاء ورعاية العديد من الكراسي الإنسانية.. لتشجيع العمل الإنساني من منطلق ذكر محاسن رموزنا الوطنية والإنسانية. لقد أسعدتني تلك الدعوة للاستماع لتلك المناقشة المتميزة للباحث الذي أمضى أكثر من ألف يوم في أثر التويجري.. تلك الشخصية الفذة التي حلقت في سماء الابداع الأدبي إلى جانب تألقها في مجالات الادارة والقيادة وغيرها من الأدوار الإنسانية الرائدة. إنها شخصية عصامية طليعية مخضرمة عاصرت مرحلة التأسيس الأولى وساهمت بالعمل طوال عهد ستة ملوك وعلى مدى سبعين عاماً ونيف.. فكانت شاهداً أميناً على كافة التحولات التاريخية والتنموية للمملكة. شخصية التويجري تستحق الدراسة والبحث لتمتعها بقدرات وأفكار إنسانية تفيد الأجيال حاضراً ومستقبلاً.. وتقودهم إلى مراحل التفوق في حياتهم خصوصاً عند الاطلاع على فكره الغزير المتوفر في ثنايا كتبه التي تزيد على أربعة عشر مؤلفاً والبالغ عدد صفحاتها أربع آلاف صفحة تقريباً.. والتي تحمل فكراً عميقاً وحكيماً وخلاقاً في عالم الفكر والابداع. لقد قدر لي قراءة مجمل تلك المؤلفات عند إعدادي لبحث متواضع عن الجوانب الإنسانية المشرقة في شخصية الشيخ من خلال عملي معه في رئاسة الحرس الوطني وإطلاعي الشخصي على العديد من أعماله الجليلة في ميادين الخير والعطاء الإنساني النبيل.. بالرغم من إنكاره لذاته في أعماله ومساعيه الحميدة. حيث يتميز بحس إنساني فطري.. طبيعي في تكوينه.. أصيل في وجدانه وفي تواضعه الجم.. وبساطته الإنسانية. لقد كان لمآثره وخصاله تأثير واضح وأدوار فاعلة في شتى مناحي الحياة الاجتماعية والادارية والأدبية في بلادنا الغالية. لذا فإن تسليط الضوء على أعماله وعلى كل الرموز الوطنية والإنسانية الأخرى واجب يمليه الدين الحنيف والأخلاق الحميدة. إن فكره التنويري ورؤاه المستقبلية هما مصدر إشعاع ونبراس منير للأجيال الطموحة.. حيث تميز ذلك الفكر بالبساطة فأصبح محبباً لدى الجميع واشتهر أدبياً بما لم يتوفر لدى الآخرين في التبسيط وتقريب المفاهيم.. فكان سهل الأسلوب واضح المعاني بعيداً عن التعقيد، يبحث عن الفلاح في القرية وعن البدوي في الصحراء. لقد كان إنساناً بسيطاً قبل أن يكون كاتباً وأديباً.. كما كان يقرن الأقوال بالأفعال ويتمثل ما يدعو إليه بنفسه قبل أن يطلبه من غيره.. إنها سيرة مهمة لشخصية الإنسان العظيم الذي حفظ اسمه الصغار قبل الكبار وصار مضرب المثل في الاخلاص والتفاني لخدمة الإنسانية. هذه الدراسة الأدبية المتميزة للباحث الملحم.. لاستعادة مسيرة التويجري الثقافية والتاريخية.. وإن استعادت تلك الدراسة سيرة الشيخ.. فلن تستطيع استعادة زمنه.. لكننا نتمنى أن نسير على هديه ونمتثل لما دعا إليه.. في أن نبسط أفكارنا.. وأن نلين جانبنا ونتواضع كما فعل الشيخ.. تلك هي المزايا التي تحتاجها النخب العربية في عصرنا الراهن. لقد قدم الشيخ نموذجاً متميزاً يحتذى به في البساطة والتواضع وحسن الادارة في سياسة الباب المفتوح للجميع. تلك المناسبة المباركة أسعدت كل صاحب حس وطني وإنساني.. وهي لمسة وفاء لرجل يستحق بجدارة كل المكارم والوفاء. فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثان * مستشار حقوقي