اشتهر النظر بالخداع وهناك في ثقافتنا أمثال تؤيد ذلك، إذ نقول "ما كل مايلمع ذهبا". بل لقد استدل القرآن الكريم بخداع النظر للدلالة على خيبة الكافر وخسرانه. قال تعالى "كسراب بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب". إذاً فلنتجاوز المناظر الأولى – من بنايات وطرق - في أية مدينة قد تبهرنا وتجعلنا نختزل المدن بها، ولنحاول البحث عن معايير النمو والتطور في مدننا: شبكة طرق تخدم كل نواحي المدينة. شبكة مواصلات عامة سريعة تحد من الزحام. شبكة مياه شرب ويفضل أن يكون هناك أكثر من جهة مغذية. شبكة كهرباء وغاز. شبكة فاعلة لتصريف السيول. شبكة مجارٍ ومعالجة مياه الصرف وإعادة استخدامها في الري وبالذات في الدول التي يشح فيها الماء. منظومة صحية متكاملة: مستشفيات حديثة. إسعاف يستطيع الوصول إلى الحالات الطارئة خلال دقائق. مسعفون ذوو تدريب عال. إسعاف طائر عند الحاجة. نظام اجتماعي تكافلي يهتم بالضعيف والفقير والمعاق ويوفر حماية الأطفال والنساء من العنف الأسري. دفاع مدني عالي التأهيل مع القدرة على الوصول إلى مكان الحدث خلال دقائق. جهاز أمني مؤهل وقادر. نظام تعليمي متكامل. مظاهر ثقافية يحتاج التفصيل فيها إلى مقال منفصل. حدائق عامة كبيرة وأماكن ترفيهية. حرية شخصية في ظل النظام. لا أستطيع الادعاء بأن هذه هي كافة المعايير التي تحتاجها المدن ولكني أضعها على قائمة أهم المتطلبات مع تفاوت في الأولويات . كلها معايير قابلة للتطبيق ترفع من مستوى المدن عندنا. لقد حذفتُ معايير أخرى لأنني لا أنشد المدينة الفاضلة التي ليس لها وجود إلا في جمهورية أفلاطون أو في جزيرة توماس مور الخيالية.