** هناك ثلاث حقائق مهمة أفرزها العدوان الاسرائيلي المسلح على (قافلة الحرية) لفك الحصار على غزة وتلك هي : أولاً: أن العرب كانوا آخر من اجتمع.. وأن اجتماعهم في القاهرة يوم الأربعاء الماضي لم يُفض إلى نتائج ملموسة تفوق ما اتخذه مجلس الأمن الدولي.. أو مجلس حقوق الإنسان في جنيف.. على رداءة ما اتخذاه وهشاشته.. ثانياً: أن الشعب التركي ومن ورائه الحكومة برئاسة اردوغان هم أكثر الناس صدمة.. ليس فقط في الموقف الدولي وإنما في الموقف العربي (المتخاذل) جداً.. ثالثاً: أن إيران التي تتشدق باستمرار بدعمها للقضية الفلسطينية وبالمتاجرة بالحقوق العربية.. لم تشترك في هذه المسيرة السلمية ولا بإيراني واحد.. وذلك ليس أمراً جديداً بالنسبة لها.. وإنما هو تجسيد لسياسة دفع وتحريض الطرف العربي للمواجهة مع أعدائه.. وقطف ثمار نتائج التدهور الأمني والسياسي دون أثمان عالية تدفع من قبلها. ** هذه الحقائق الثلاث.. يتوجب على كل عربي ومسلم.. أن يعيها جيداً.. وأن يدرك معها ان الغد ليس أحسن حالاً.. وأن على الشعوب أن تقول كلمتها بكل هدوء.. وبعيداً عن الانفعال والتشنج وعبر مؤسساتها الدستورية وقنواتها السياسية والحقوقية والانسانية وذلك بهدف صياغة مواقف ثلاثة واضحة.. الأول: هو الموقف العربي.. وذلك بتحديد موقف نهائي وواضح من عملية السلام.. وخدمة هذا الموقف بالتواصل الفوري على أعلى المستويات مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن.. وبما يوقف اسرائيل عند حدها ولا يمرر هذا الحدث بسهولة.. والثاني: هو التوجه العربي نحو تركيا.. والوقوف إلى جانبها وبقوة في كل إجراء تتخذه بعدما لحق ابناءها من قتل واصابات.. في استهداف واضح للجهود التركية المخلصة لإقرار سلام عادل ودائم وشامل في المنطقة.. وهو ما لا ترغب فيه اسرائيل ولا تريده.. على ان يتخذ هذا الدعم جميع الاشكال والضغوط السياسية والاقتصادية.. والأمنية.. تجنباً لاستمرار الشعور بخيبة الأمل التي شعروا بها حتى الآن تجاهنا.. والثالث: هو تحديد موقفنا نحن العرب من ايران الدولة.. وإيران التفكير .. وإيران السياسات.. وإنهاء حالة الانقسام العربي تجاه تقييم الدور الإيراني نحو قضايانا الاساسية وفي مقدمتها قضية فلسطين.. وذلك في ضوء المقارنة الموضوعية بين الموقفين التركي والإيراني من هذه القضية وطريقة تعاملهما معنا.. وهي مقارنة واضحة ولا تحتاج إلى تدليل أكثر مما توفر لدينا من شواهد مادية وعملية ملموسة.. ** ويشهد الله أننا لسنا ضد إيران الدولة أو الشعب.. ولكننا ضد ايران التوجهات والسياسات والتصرفات التي لا تخدم لا أمن المنطقة.. ولا سلامة إيران نفسها أو مصالحها.. ولا مستقبل العالم وأمنه واستقراره.. ** وأنا وإن كنت مع استمرار العملية السياسية.. إلا ان هذه العملية تتطلب موقفاً عربياً موحداً.. وصفاً عربياً واحداً.. وإرادة عربية حقيقية وقوية.. ** وبدون هذا.. فإن ابو مازن سوف يجد نفسه يوم الثلاثاء القادم في واشنطن في موقف ضعيف.. وأنه بدل ان يحصل على موقف امريكي محدد لإجبار اسرائيل على الاعتذار.. وإيقاف الحصار على غزة.. والتوقف عن بناء المزيد من المستوطنات الاسرائيلية في القدسالشرقية تحديداً.. فإنه سيجد نفسه امام مطلب آخر يدعوه إلى بدء المفاوضات المباشرة والتوقيع على بياض ودون تحديد لقضايا الحل النهائي.. والسبب في كل ذلك هو.. تضعضع الموقف العربي.. وهشاشته.. وتطرفه بين أقصى المطالبات وبين الحد الأدنى منها.. كما رأينا في اجتماعات الجامعة العربية الأخيرة في القاهرة.. ** إذاً نحن أردنا أن نتخلص من هذا العار.. وأن نفعل شيئاً يصون أمن وسلامة واستقرار وكرامة بلداننا وشعوبنا.. فإن علينا أن نتصرف بشكل مختلف وأن نكون عرباً أولاً وأخيراً. *** ضمير مستتر: ** (قد تأتي أجيال.. تَصِمُ واقعنا الحالي.. بالتخاذل والانحطاط.. وقد يدفعها ذلك إلى التصرف بشكل أحمق.. ومدمر)