عندما أستمع للأغاني الشعبية.!. رغم أني أختلف على هذا المسمى الذي قوقعها وأغلقها إعلاميا وجماهيرياً, المهم عندما اعود لسماعها اجد أنها تمتلك عنصر الزمن الطويل الذي لا يفنى, وقد دللت جلسات"وناسة" كثيراً على ذلك رغم أني اختلف معهم في طريقة ادائها وتقديمها. بعض هذه الاعمال الشعبية مات على حناجرهم رغم الامكانيات المتاحة لتقديمها بشكل مميز وبعضها أفسده الايقاع والرقصات التي خالفت إطار مركزها. أعود للاستماع من جديد, مثلاً حينما تسمع بشير شنان"رحمه الله" أجده فناناً احتضن في اغانيه كل ماكان يجول في خاطره وهي اغلبها قد عاشها في عمر المراهقة وقدمها, إلا أن الحانه كانت ذات اسلوب مبحر في عالم الموسيقى والتراث وهو من المميزين الذين استفادوا من الفنانين السابقين عنه وحتى من عاصروه, بشير الذي شخبط المراهقون على جدران المدارس والبيوت الطينية أغانيه في بداية الثمانينات الميلادية وهي بداية شهرته الحقيقية بعد وفاته بسنوات حيث كانت الساحة قبل ذلك في حالة سيطرة من سالم الحويل وفهد بن سعيد وعيسى الاحسائي, وكل هؤلاء اختلفوا عن نهج بشير شنان في طُرق الاغاني وتوصيلها للمستمعين, في عصر الاسطونات لم يكن لبشير أي تواجد كمبيعات والسيطرة كانت لابن سعيد"رحمهم الله", المجموعة الكبيرة التي قدمت الفن على إمتداده رغم وفاتهم, مازال الفنانون الحاليون يشربون من عسلها وينالون الشهرة, والجمهور غير مقتنع بأن هذه الاعمال سبق وان طرحت منّذ سنوات عبر أصوات أعتبرها نادرة لفوارق الانتاج, أعود لبشير وعيسى وابن سعيد وغيرهم"الفنانون العرابجة"وهي نظرة قاصرة دونية كانت إنذاراً للكثير بعدم الاستماع لهم. المؤسف أن الفن الشعبي يتميز في دول العالم بمزايا رائعة تجعل منهم أسياداً ونحن في حالة دفن ليأتي من يستفيد من أعمالهم بقالب جديد كأنه نال الثريا. الأعمال الشعبية ليست حكراً على هؤلاء بل إن طلال مداح قدمها كثيراً ومحمد عبده ايضا وسعد ابراهيم, ورغم الدونية التي يجدها الفنانون الشعبيون من الإعلام السعودي إلا انهم حققوا جماهيرية طاغية كعيسى الاحسائي وابن سعيد وبشير وسالم وسلامة. ما اود طرحه هل مراهقة بشير شنان كانت سبباً في تدني أسهم الفن الشعبي وحصاره في إطار"العربجة"أم ان هناك من استفاد في حصار الشعبية ليكون في أرض خصبة يأخذ منها ما يريد دون حسيب. وجهتي تختلف في بشير, ربما يكون معبراً جيداً عن مرحلة عمرية حّس بها في زمن التحجيم ورأي المجتمع عن الفنانين.