أغان شعبية حفظها الجيل الحالي ولا يعلم أنها لفنانين شعبيين أثروا الوسط بإبداعاتهم، فأعاد تقديمها أبناء الجيل الحالي وبعض الجمهور عن جهل ينسبها لهم. يعيش الفن الشعبي أسوأ مراحله من ناحية الحضور الفني والأسماء التي تتسيد موقفه الغنائي، بل حتى الأجيال لم تعد تعترف به كفن، ولا تحفظ رموزه، على الرغم من قوة الأغنية الشعبية في الماضي، وبساطة مفرداتها، وقوة أسمائها التي حظيت بشعبية كبيرة، مثل بشير شنان، فهد بن سعيد، وعيسى وطاهر الأحسائي، وحمل هؤلاء الرموز هم تأسيس البنية التحتية للأغنية الشعبية السعودية، وقهروا الظروف الاجتماعية والمادية في سبيل الوصول إلى فنهم.. ولكن الجيل الشعبي الحالي غاب عن الموقف، ما جعل الإرث الفني لهؤلاء الفنانين يتوزعه مطربو الأغنية (المموسقة) ويتصدر ألبوماتهم بعد لي عنقه. سرقة بشير ما الذي يجعل اسم بشير حمد شنان الذي توفي قبل أكثر من 30 عاما باقيا حتى اللحظة؟ على الرغم من قصر عمره الفني الذي لم يتجاوز سبع سنوات، ولم يصدر فيها أي ألبوم رسمي! ولماذا يقوم بعض الفنانين بسرقة ألحانه، والتغني بها تحت حجج التراث الشعبي (الفلكلور)؟ الجواب واضح: قوة ما قدمه في الماضي. مثال حي الأمر الآخر، وهو المضحك المبكي الفنان علي بن محمد، تغنى بإحدى روائع الراحل عيسى الأحسائي، وهي (يا عزتي للرجال المفاليس)، وغناها في إحدى الجلسات التي وزعتها شركة روتانا، كمعجب بتلك الأغنية، فحصدت النجاح، وتعامل معها الناس كأغنية تسمع للمرة الأولى، وأصبح الكثير يتغنى بها وكأنها وليدة اللحظة! ذلك مؤشر وانطباع واضح وتام بأن الأغنية الشعبية متى ما وجدت التعامل الصحيح، ووصلت إلى المستمع بالطريقة الحديثة المثلى، فإنها ستحقق النجاح الكبير، واللوم هنا يقع على الإعلام بتنوعه، ويقع أيضا على بعض المحسوبين على الأغنية الشعبية، فلم يروجوا لأنفسهم بطريقة جيد ة تكفل حضورهم. عزازي وحرقة التجاهل أخيرا، قبل سنة ونصف تقريبا، هرب عزازي من عذاب التجاهل بعد أن تأكد أن الإنصاف الذي انتظره قرابة 20 سنة لن يتم، وتجاهل المسؤولين في حفلات جدة وأبها سيستمر، فما كان منه سوى السفر إلى قطر، لعل وعسى أن يجد نفسه، ولا يسقط ضحية تجاهل مثل الراحل سلامة العبدالله الذي وجد هناك الإنصاف بعد أن وصل ال 60، فلم يكن في ذلك الوقت أصدق من دمعة أنزلها تحسرا على مشواره الفني الذي وجد الصدر الرحب بعد فوات الأوان. .. في الاستراحة أحد الفنانين الشعبيين (طلب منا عدم ذكر اسمه) قال لنا بأسى: “عندما وجدت التجاهل في المهرجانات الوطنية، قررت استئجار استراحة ب 500 ريال، والالتقاء بجمهوري فيها، بلا شباك تذاكر أو (بودي جاردات) أو متعهدين” وأضاف: “نحن سنغني، وسنطرب جمهورنا، وأي فنان تسول له نفسه سرقة أحد من الفنانين الشعبيين الراحلين، سنظهر للإعلام، ولن نتوانى في فضحه”.