أعلن الرئيس الألماني (هورست كولر) استقالته من مهام منصبه، في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة في تاريخ ألمانيا، وجاءت استقالة كولر (67 عاما) على خلفية تصريحات كان أدلى بها في أعقاب عودته من زيارته الأخيرة لأفغانستان والتي ربط فيها بين مهمة القوات الألمانية في أفغانستان والمصالح الاقتصادية لبلاده، مما أثار الكثير من الجدل والانتقادات لرجل يحظى باحترام واسع بين أبناء الشعب الألماني. ورغم أن مهام الرئيس الألماني في الأغلب تعد "شرفية"، ويقتصر دوره على حراسة الدستور واستقبال السفراء وتسلم أوراق اعتمادهم واستضافة الرؤساء الأجانب وإلقاء الخطب العامة وتنفيذ الزيارات الخارجية ، إلا أن كولر كان يخاطب ضمير الألمان ويعيش مشاكلهم ويترجم أقواله إلى أفعال. وقف كولر بعد انتخابه للمرة الأولى في عام 2004 ليؤكد رغبته في أن يكون رئيسا ألمانيا "لجميع الألمان" ورئيسا لجميع الأجانب الذين يعيشون على أرض ألمانيا، وعاد كولر في كلمته بمناسبة إعادة انتخابه لفترة ثانية قبل عام ليجسد مستقبل ألمانيا في كلمات معبرة هي "العمل والتعليم والاندماج". وبفضل عدم تدخله في صناعة القرار السياسي، صارت لدى كولر مساحة واسعة للتعامل مع الأحزاب والاقتصاد والرأي العام وتحمل الانتقادات بصدر رحب ولم يرد على الاتهامات بانعزاله عن المجتمع وسلبيته في بعض الأحيان تجاه مناقشة قضايا ملحة مع الائتلاف الحاكم الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل. جاءت استقالة كولر في مرحلة صعبة تمر بها الحكومة الألمانية في خضم أزمة منطقة اليورو وتحمل الدولة الكثير من الأعباء الداخلية والخارجية للحفاظ على استقرار العملة الأوروبية الموحدة، وايضا محاولة إصلاح أخطاء الغير من الدول الاعضاء في المنطقة، وفي المقدمة اليونان التي اضطرت ألمانيا لدعمها بالمليارات لإقالتها من عثرتها ولإنقاذ اليورو من الانهيار. يرى كولر أن الانتقادات الأخيرة أفقدت منصبه الاحترام الضروري ولهذا السبب لم يجد وسيلة سوى الاستقالة المبررة معربا عن امتنانه لكل من أيده وطالبا من الجميع تفهم قراره، ومؤكدا اعتزازه بتولي هذا المنصب الرفيع في بلاده. ودور الرئيس الالماني قاصر على توقيع القوانين وهو دور رمزي بدرجة كبيرة.